بيروت, الأربعاء 3 أغسطس، 2022
تحتفل الكنيسة الكاثوليكيّة بعيد خوري آرس في 4 أغسطس/آب من كل عام، وهو مثال الراعي الصالح الذي تمكّن من إعادة الخراف الضالّة إلى بيت أبيها السماوي.
ترعرع جان ماري فيانّيه المعروف بـ«خوري آرس» في أسرة فقيرة ماديًّا، لكنها في المقابل، كانت غنيّة بإيمانها المسيحيّ وإنسانيّتها. نال سرّ العماد يوم ولادته، كما كانت العادة سائدة في ذلك العصر. تميّزت طفولته بالحبّ الوالديّ، وعلّمته أمّه التقيّة الصلاة وحبّ الله ومريم العذراء. إنّما أثّرت الثورة الفرنسيّة بقوّة على شبابه، ولمّا اختار أن يستجيب لدعوة الله، قابله والده بالرفض بما أنه كان فقيرًا. على الرغم من كلّ الصعوبات التي اعترضته، بدأ بالتحضير لدخول الكهنوت بمساعدة أحد الكهنة في سنّ العشرين.
انطلق الكاهن الشاب في خدمته الكهنوتيّة في قرية فقيرة، وهي آرس في فرنسا. لم يكن حينها يملك قدرة قويّة على الوعظ، لكنه كان يتمتّع بحيويّة عظيمة. تمثّلت رغبة قلبه الوحيدة في تسليم ذاته بكلّيتها للربّ، ومن ثمّ الاعتماد عليه في أوقات الضيق، وفي تدبير شؤون الرعيّة. كانت آرس قرية مسيحيّة تعلن إيمانها المسيحيّ بسبب التقليد الموروث عبر العصور، لكن من دون حرارة في التقوى. كما كانت صلاتها سطحيّة، وراحت تموت تدريجيًّا في نفوس رعاياها. شعر خوري آرس بثقل مهمّته أمام هذا الواقع الأليم، لكنه لم يفقد نعمة الرجاء في سبيل قداسته والعمل على تقديس رعيّته.
راح يجاهد بقوّة من أجل تغيير تلك المشهديّة. استسلم للرحمة الإلهيّة، فأعاد ترميم الكنيسة على مستوى الحجر والبشر. كما أسّس ميتمًا، واهتمّ بالفقراء. ومن ثمّ، كان يزور المرضى والعائلات ويهتمّ بمشاكلهم. ولم يتوقف عن تقديم الذبائح والصلاة لكي يتوب الناس عن خطاياهم. كان يقضي غالبيّة وقته في الكنيسة، وفي كرسي الاعتراف، وهو يحاول بشتّى الوسائل أن يجعل أبناء الرعيّة يكتشفون معنى سرّ التوبة وروعته، مُظهرًا قيمته كحاجة ضروريّة لبلوغ الفرح الإفخارستيّ. تمكّن من أن يجعل بلدة بأكملها ترتدّ، وقادها طوال حياته صوب الخلاص.