الرسالة النبويّة: «أرسلني لأبشّر المساكين» (لو 4: 18). وهي العناية بكلّ محتاج ماديًّا وروحيًّا ومعنويًّا وتربويًّا وإنسانيًّا.
الرسالة الكهنوتيّة: وهي السعي إلى خلاص النفوس وتقديسها بنعمة الفداء، من خلال إظهار رحمة الله في «تعزية منكسري القلوب»، وفي «تحرير المستعبدين» للأقوياء أو لنزوات الذات والمصالح والشرّ، وفي هداية العميان إلى رؤية جديدة بنور شخص المسيح وكلامه وأفعاله، وفي المصالحة والغفران للتائبين.
الرسالة الملوكيّة «بإعلان سنة مرضيّة لله» (لو 4: 19): وهي إعلان الزمن المسيحانيّ الجديد، الذي فيه دخلت ثقافة الإنجيل العالم لتنثقف في ثقافات الشعوب. إنّه زمن المسيح الذي أتى «ليجعل كلّ شيء جديدًا» (رؤيا 21: 5). هذا هو معنى وجودنا كمسيحيّين في مجتمعات الأرض. وهذه هي رسالة الكنيسة التي تعلّم وتحكم على الأفعال البشريّة، بما فيها الأفعال السياسيّة، على القاعدة الأخلاقيّة: قاعدة الخير والشرّ، الصالح والعاطل، الحقّ والباطل، من أجل حوكمة أفضل، من دون الدخول في تقنيّاتها.
7.من هذا المنطلق، لا يمكن أن نسلّم بإغلاق ملفّ تشكيل حكومة جديدة، كأنّ الحكومة مجرّد تفصيل في بنيان نظام الدولة اللبنانيّة، مع العلم أنّ اتفاق الطائف جعل مجلس الوزراء، إلى جانب رئاسة الجمهوريّة، الركيزة المحوريّة ومركز السلطة التنفيذيّة. فلا قيمة للتكليف ما لم يستتبعه التأليف. ونستغرب أن يكون المعنيّون بتأليف الحكومة يُسخِّفون هذا الأمر، خلافًا للدستور واتفاق الطائف.
إن تشكيل حكومة جديدة علامة ناطقة لاحترام النظام الديمقراطي والتوقّف عن الانقلاب المستمرّ عليه، وضمان اكتمال عقد المؤسّسات الدستوريّة وسير الحوكمة والفصل بين السلطات، واستمرار الشرعيّة من خلال حكومة كاملة الصلاحيّات في حال تعثّرَ، لا سمح الله، انتخاب رئيس جديد للجمهوريّة. إنّ وجود حكومة شرعيّة يولي الدولة القدرة على مفاوضة المجتمعَيْن العربي والدولي وعلى اتّخاذ القرارات وتوقيع المعاهدات.
وما نخشاه هو أنّ القوى السياسيّة، إذا عجزت اليوم عن تشكيل حكومة، تعجز بالتالي غدًا عن انتخاب رئيس جديد للجمهوريّة. ويكون السقوط العظيم. لكنّنا نأمل ونصلّي ألّا يكون ذلك.
8.وتأتي حادثة التعرّض للمطران موسى الحاج لتشكّل امتحانًا لمدى قدرة المسؤول عن هذه الحادثة على وضعِ حدٍّ للتطاول على الكنيسة المارونيّة، بل لمبدأ الفصل بين الدين والدولة. كان البعض يشكو من تدخّل الطوائف بالدولة، فإذا بالدولة تعتدي على طائفة تأسيسيّة وعلى رجل دين اشتهر بالتقوى وخدمة الشعب الذي كان يجدر بالدولة أن تؤمّن له الاحترام في تنقّله بين لبنان وأبرشيّته. افتعلوا حادثًا، حولّوه حدثًا، جعلوه قضيّة، ونظّموا حملات إعلاميّة لتشويه صورة الأسقف ورسالة الكنيسة الإنسانيّة والوطنيّة.
إنّنا نؤكّد من جديد أنّ «العمالة» مع دولة عدوّة لم تكن يومًا من ثقافتنا وروحايّتنا وكرامتنا. نحن أوّل من يحترم القوانين، ويدافع عنها، فنرجو من السلطة احترامها والتقيّد بها. نحن أوّل من يحترم القضاء وندافع عنه، لكنّنا نرجو من القضاة والمسؤولين القضائيّين احترام قدسيّة القضاء وتحريره من الكيديّة والارتهان لقوى سياسيّة ومذهبيّة.
في ضوء هذا الأمر، نطالب المسؤولين عن حادثة المطران موسى الحاج واحتجاز ما احتجزوه عن غير وجه حقّ، بما يلي:
1.أن يعيدوا إليه جواز سفره اللبنانيّ وهاتفه.
2.أن يسلّموه الأمانات من مال وأدوية التي كان يحملها اسميًّا لأشخاص ولمؤسّسات لأنّها أمانة في عنقه.
(تستمر القصة أدناه)
اشترك في نشرتنا الإخبارية
3.أن يُؤمَّن له العبور من الناقورة، ككل الذين سبقوه، إلى أبرشيّته ذهابًا وإيابًا من دون توقيف أو تفتيش.
4.أن يكفّوا عن تسمية المواطنين اللبنانيّين الموجودين في فلسطين المحتلّة بـ«عملاء».
إذا لم يفعل المسؤول بموجب هذه المطالب، فإنّهم يتسبّبون بشرّ كبير تجاه أبرشيّتنا في الأراضي المقدّسة، إذ يمنعون أسقفها من الذهاب إليها، ويجعلونها كأنّها شاغرة وهذا أمرٌ خطير يُحاسبون عليه.
نسأل الله ألّا يحصل ذلك. فله وحده كلّ مجد وتسبيح وشكر، الآب والابن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين.
تأسست وكالة الأنباء الكاثوليكية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا "آسي مينا" في 25 آذار 2022، عيد بشارة السيّدة مريم العذراء، بعد عام واحد على الزيارة التاريخية للبابا فرنسيس إلى العراق. "آسي مينا" جزءٌ من مجموعة CNA/ACI، وهي إحدى خدمات أخبار EWTN.