ثلاث راهبات متّشحات بالأبيض، ملتزمات في الخدمة، ارتشفن من ينبوع الحبّ، فنَمَوْنَ بفرح في حقل الربّ. أينما حللن، حلّت البسمة، وهلّلت المحبّة… إنهن راهبات القديسة مرتا.
من هنّ؟ من أيّ بلاد أتَيْنَ؟ كيف تجلّت رسالتهن في لبنان؟
إليكم الأجوبة في مقابلة مع الراهبات الثلاث اللواتي زرعن بذور الحبّ والسلام، وأحدثن الفرق في بلدة سهيلة اللبنانيّة.
لغة المحبّة ذلّلت صعوبة تعلّم العربيّة
في حديث خاصّ إلى «آسي مينا»، أخبرت الأمّ الرئيسة فيتّوريا كوتيللي (51 عامًا في الرهبنة) أن رهبنة القديسة مرتا انطلقت مع الأب الطوباوي توماسو ريجيو الذي أسّسها بعد الاطلاع على حاجات المواطنين في إيطاليا في 1878. من ثمّ، وقع زلزال حيث تأسّست الرهبنة في مدينة فنتيميليا الإيطاليّة وتدمّرت مدن كثيرة، فكانت رهبنة القديسة مرتا الأولى التي اهتمّت بالجرحى، وتمثّلت دعوتها أيضًا في مساعدة الفقراء والمحتاجين والإكليريكيين.
وأوضحت الأمّ كوتيللي أن الأب ريجيو قد أعطى التنشئة للرهبنة التي جمعت روحانيّة مريم (الصمت) وأيدي مرتا (العمل)، وانتشرت في إيطاليا والعالم أجمع.
ولفتت إلى أن عدد المنتسبات إلى الرهبنة بلغ 396 مكرّسًة منتشرات في إيطاليا وتشيلي والأرجنتين والبرازيل والمكسيك والهند ولبنان.
وتحدّثت الأمّ كوتيللي عن اختبارها في لبنان الذي قصدته في الحرب اللبنانيّة ولم تبرح أرضه وتخصّصت في التمريض، فداوت جراحات مصابي الحرب، وتخطّت مشكلة تعلُّم اللغة العربيّة إذ انكبّت على الاعتناء بالمرضى، ولا سيّما أولئك الذين عانوا جراحًا بليغة، فكانت تفهمهم جيّدًا لأن لغة المحبّة تغلب أيّ صعوبات في رسالتها وتنتصر في نهاية المطاف.
بذور السلام وروح الخدمة
من جهتها،تناولت الأخت شارلوت وهيبي (35 عامًا في الرهبنة) ما جذبها في رهبنة القديسة مرتا، والمتمثّل بالخدمة، إذ بدأت ترافق الأخت بياتريس مرّة أو مرّتين أسبوعيًّا سيرًا على الأقدام لمساعدة الناس وتقديم المال والأدوية لهم، وأحبّت تجسيد الرهبنة التواضع والمحبّة والاهتمام بالمحتاجين، مؤكدة أنها وجدت ضالتها مع هذه الرهبنة.
واعتبرت الأخت وهيبي أن الصعوبات التي تواجهها الراهبات في لبنان تتمثّل في غياب الصدق والمحبّة والتفكّك الأسري وعدم تقديم المساعدة للآخرين، متمنّية أن تعود المحبّة إلى ربوع الوطن، إذ إننا عندما نحيا السلام، نزرعه تلقائيًّا.
يسوع يفيض حبّه في القلوب
أما الأخت تانغاما كاريبوكاتيل (35 عامًا في الرهبنة)، فأفادتبأنها راهبة هنديّة جاءت إلى لبنان في العام 1992 بعد الحرب اللبنانيّة، لافتة إلى أن الأمور لم تكن سهلة في البداية، بل كان الدمار والحزن يخيّمان على البلاد.
وتابعت الأخت كاريبوكاتيل: عدتُ إلى إيطاليا، ومن ثمّ رجعتُ إلى لبنان منذ 4 سنوات. لمست التغيير الحاصل في الربوع اللبنانيّة من حيث النهضة العمرانيّة واختلاف الطبيعة.
ولخّصت الصعوبات التي تواجهها بعدم إتقان اللغة العربيّة، لكنها أعربت عن سعادتها المطلقة عبر القيام بالأعمال الصغيرة كالأعمال المنزليّة وإعداد الطعام والاهتمام بالحديقة في البيت الذي تستقبل الرهبنة فيه الآخرين كما استقبل لعازر ومريم ومرتا يسوع في بيت عنيا.
وأكدت أن التعامل مع الآخرين لم يكن صعبًا على الرغم من صعوبة تعلّم اللغة المحليّة لأن يسوع حاضر في حياتها، ما يجعلها بخير أينما حلّت، فهو يذلّل الصعوبات. كما أن دير القديسة تريزيا الطفل يسوع المُرْسَلة الكبرى إلى جانب بيت القديسة مرتا، فهناك وقت للصلاة وتجسيد المحبّة الإلهيّة التي تفيض في قلبها وتملأه بالسعادة الحقيقيّة.
مديرة التحرير السابقة في «آسي مينا»، صحافيّة لبنانيّة ملتزمة. سعيت دومًا في مسيرتي المهنيّة إلى حمل شعلة البشارة باسم يسوع المسيح وإيصال كلمته إلى أقاصي الأرض.
الأكثر قراءة
1
2
3
4
5
اشترك في نشرتنا الإخبارية
رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!
تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته
لبنان بلد القداسة… الشعب المؤمن المتألم يتمسّك بالقديسين ويطلب شفاعتهم من أجل الاستمرار في مسيرته الشاقّة، وسط الأزمات المتتالية.
كم يبلغ عدد القديسين والطوباويّين في لبنان؟ كيف يصبح القديسون والطوباويّون مثالًا للشعب كي يناضل بشجاعة في هذه الظروف الصعبة؟ هل يغرق المؤمنون في التقويّات ويبتعدون عن الغوص في العمق؟ إلى أيّ مدى يساعد الإيمان الشعب كي يستمرّ في ظلّ واقع مأزوم؟ ما رسالة القديسين والطوباويّين إلى اللبنانيّين المحبطين؟