بيروت, الأحد 31 يوليو، 2022
كان القديس إغناطيوس دي لويولا، الإسباني الأصل، الأصغر بين ثلاثة عشر شقيقًا. منذ طفولته، كان مرتبطًا بالنبلاء الأسبان والفنون العسكريّة، ومن ثمّ تدرّب لاحقًا كجندي وخرج للقتال. ويُروى أنّه في خلال مشاركته في معركة ضدّ الفرنسيين، أُصيب في ساقه، فخضع لعمليّة جراحيّة مؤلمة فرضت عليه المكوث في فراشه لوقتٍ طويل. وبينما كان يبحث عن رواية في فنّ القتال كي يطالعها، لم يجد غير كتاب واحد، وهو سيرة المسيح والقديسين. وراح يقرأه مرغمًا على ذلك، وإذ به يقوم بمعركة أشدّ صعوبة من تلك التي أقعدته. بعدما كان قلبه يحيا أسير مجد العالم الباطل، أدرك أنّ المعركة الأعظم في حياتنا هي أن نترك المسيح يملك على قلوبنا.
بعد شفائه، ترك إغناطيوس سيفه، وخلع الثياب العسكريّة، وبدأ مسيرة توبته. قصد أورشليم، وراح يبحث عن رغبة قلبه الحقيقيّة، وقرّر أن يحصّن ذاته بأسلحة يسوع المسيح، مكرّسًا نفسه كفارس لخدمته. من ثمّ، راح يستعطي كل يوم، ولا يأكل لحمًا ولا يشرب خمرًا، ويعيش سيرة تقشّف كبيرة. وفي رحلة اختباراته تلك، سمع صوتًا في أعماقه يقول له: «كيف ستستطيع احتمال هذه العيشة طوال حياتك؟» عندها، أدرك إغناطيوس أنّه صوت المجرّب، فأجابه: «أيها الشقيّ، هل في قدرتك أنت أن تعدني بساعة واحدة في الحياة؟» وهكذا عاش إغناطيوس حياة نسكيّة طويلة في الصوم والصلاة، وكان يقضي يوميًّا سبع ساعات في التأمّل. كما زار كلّ الأماكن التي عاش وتألم ومات وقام فيها المسيح.
بعد عودته من أورشليم، التحق بكلّية في باريس بهدف دراسة الفلسفة واللاهوت. كانت حماسته للروحانيّة عميقة جدًّا إلى درجة التفّت حوله جماعة من الرفاق، وسرعان ما أصبح يسوع محور أحاديثهم وغايتهم الأسمى. كما كتب إغناطيوس «الرياضات الروحيّة»، وكان لا يزال علمانيًّا، وأراد من خلالها توجيه رسالة إلى كلّ مسيحيّ يريد أن ينمو أكثر في حياته الروحيّة مع المسيح. من ثمّ، وُلِدت على يده جمعيّة رفاق يسوع أو الرهبنة اليسوعيّة المعروفة الآن، وصار رئيسًا عامًّا لها. بدأ يرسل رفاقه للتبشير وإنشاء الكلّيات والإكليريكيّات لتنشئة أجيال من المبشرّين لهذه الرهبنة.
ولمّا رُسِم القديس إغناطيوس كاهنًا، تميّز بإخلاصه للكنيسة الكاثوليكيّة وطاعته القصوى للبابا. كان يقدّم الدعم والمساعدة لكلّ من هم في أمسّ الحاجة إليها. توفي نتيجة إصابته بالحمّى الرومانيّة، وهي إحدى أشدّ حالات الملاريا. أعلنه البابا بولس الخامس طوباويًّا سنة 1609. كما أعلنه البابا غريغوريوس الخامس عشر قديسًا على مذابح الكنيسة الكاثوليكيّة سنة 1622.