من ثمّ، احتفل البطريرك يونان بالقداس الإلهي في كنيسة دير سيّدة حضور الله لراهبات بيت لحم في باريس، متأمّلًا في عظته بسيرة مرتا أخت لعازر التي قامت بعمل عظيم كي تهيّئ الطعام ليسوع، وكذلك أختها الأخرى مريم التي بقيت مسمّرة أمام الربّ يسوع مصغية له. وقال يونان: «أخواتنا الراهبات العزيزات قدوةٌ في عيش رسالة مريم ومرتا في حياتنا اليوم، إذ لا يمكننا أن نفصل الصلاة عن أعمال المحبّة تجاه إخوتنا وأخواتنا. تستطيع أخواتنا الراهبات أن يَعِشْنَ الشركة الكاملة مع يسوع فادينا، وفي الوقت عينه أن ينفتِحْنَ على حاجات إخوتهم وأخواتهم، ويمارِسْنَ المحبّة الحقيقية في جماعتهنَّ، وهذا ليس سهلًا دائمًا، فالعيش معًا يتطّلب نعمة خاصّة من الربّ».
وبعد القداس، التقى البطريرك بالراهبات في ديرهن، مثنيًا على خدمتهن، ورافعًا إلى الربّ صلاته لكي يفيض عليهن نعمه وعطاياه، مانحًا إيّاهن في الختام بركته الرسوليّة عربون محبّته الأبويّة.
الخدمة على مثال الربّ
زار البطريرك كنيسة القديس سوليبوس في باريس، وهي الكنيسة التي حلّت مكان كاتدرائيّة نوتردام في إقامة الاحتفالات الليتورجيّة الكبرى بعد الحريق الذي اندلع فيها، رافعًا صلاته من أجل أبناء الكنيسة السريانيّة وانتهاء الأزمات الكثيرة في بلدان المشرق، ومتضرّعًا بشكل خاصّ من أجل الكنيسة في فرنسا، إكليروسًا ومؤمنين، ومن أجل ثباتهم في الإيمان ليحلّ بعدها البطريرك ضيفًا في حفل تكريم الرئيس العام الجديد لجمعيّة كهنة القديس سولبيس، الأب شاين كريك مهنّئًا بانتخابه، ومتمنّيًا له خدمة مباركة ومثمرة، لما فيه خير الجمعيّة ونموّ الدعوات الكهنوتيّة فيها.
إلى ذلك، احتفل البطريرك يونان بالقداس الإلهي على مذبح كنيسة القديس يعقوب في باريس، تكريمًا للمطران الجديد مار أفرام إيلي وردة المُنتخب مطرانًا على أبرشيّة القاهرة ونائبًا بطريركيًّا على السودان، والذي سبق وخدم في فرنسا لمدّة زادت عن 15 سنة. وممّا قاله البطريرك يونان في عظته في هذا الشأن: «إنّنا نعتزّ كثيرًا بأن الكنيسة دَعَتْ خادمكم إلى خدمة أخرى أشمل، أن يكون ذاك الذي يشهد للإنجيل المقدّس في بلد كبير هو مصر، والذي يحتاج إلى مطران وراعٍ جديد. لذلك، علينا، لو ببعض الألم والكآبة، أن نبقى دائمًا فرحين، ونفرح مع المطران إيلي الذي يتوجّه للقيام بهذه الرسالة الجديدة... إن المطران الجديد يتذكّر على الدوام من دون شك قول الربّ يسوع بأن علينا ألا نفتِّش عن العظمة والمنصب. لذا عليه أن يكون الخادم المتواضع على مثال الربّ يسوع المسيح، الذي قال هو نفسُهُ: ما جئتُ لأُخْدَمَ بل لأَخْدُمَ وأبذلَ نفسي عن الكثيرين».
وقبل البركة الختاميّة، ألقى الخورأسقف باسكال كولنيش رئيس منظمة عمل الشرق كلمة أثنى فيها على الخدمة المتفانية للمطران الجديد وحضوره المميّز بين الكهنة الشرقيين في فرنسا. تبعتها كلمة المطران الجديد وردة الذي أكد أنه سيحمل مبادئ الحريّة والأخوّة والمساواة والفضائل السامية التي تعلّمها في فرنسا إلى مصر حيث سيسعى جاهدًا كي يزرع هذه البذور، ناشرًا إنجيل المحبّة والحقيقة والفرح والعدالة. كما عبّر عن شكره الكبير لله أوّلًا والبطريرك يونان ثانيًا، وامتنانه العميق لعدد من الأساقفة والكهنة لما قدّموه من دعم ومساعدة ومحبّة له، وشكره لأبناء رعيّته -رعيّة مار أفرام السريانيّة- التي تعلّم فيها الأمانة والصبر والعمل الدؤوب، ورعيّة القديس يعقوب التي احتضنته واستقبلته بكل أخوّة وترحاب وتعلّم الكثير من كهنتها.