بيروت, الجمعة 15 يوليو، 2022
يعبّر عيد سيّدة الكرمل عن تذكار رؤيا القدّيس سمعان ستوك للعذراء مريم التي منحته نعم الثوب المقدّس. وتأسّست رهبنة سيّدة الكرمل على جبل الكرمل حيث كان يجتمع عددٌ من النساك الذين عاشوا على نهج النبي إيليّا في الصلاة والتقشّف والنسك والتعبّد حول معبد سيّدة جبل الكرمل. لذلك، دُعيت الرهبنة بهذا الاسم.
انتقل الرهبان إلى الغرب بعد انكسار الصليبيين، وبعدما عاشوا اضطهادًا أليمًا، كاد يودي برهبنتهم. أمام تلك الظروف العصيبة وما نتج عنها من ويلات، صلّى الرئيس العام القدّيس سمعان ستوك بحرارة عميقة إلى مريم العذراء، زهرة الكرمل، طالبًا حمايتها، فاستجابت إلى صلاته البنويّة، ومن ثمّ أعطته هديّة حين ظهرت له وهي تحمل الثوب المقدّس في يدها في العام 1251، ووعدته بخلاص المؤمنين وحمايتهم. لذلك، عندما نقوم بتكريم سيّدة الكرمل حاملة الثوب، نظهر أيضًا أنّنا أبناء لها، وأنها تحمينا. وعُرِف هذا الاحتفال أيضًا بعيد «سيّدة الثوب».
بعد هذا الظهور، كتب سمعان صلاته المريميّة المعروفة بزهرة الكرمل، وتأكّد أنّ مريم البتول ستحرس هذه الرهبنة، ولن تسمح بأن تتعرّض لأيّ مُصاب أو أذى. علم سمعان بعدئذٍ بأنّ والدة الإله قد أخذت على عاتقها مصير الرهبنة. وقد تشّجع هذا الراهب القدّيس وتقوّى ورحلت عنه كلّ الشّكوك بخصوص مستقبل الرهبنة، وأبلغ رهبانه بما حصل، قائلًا لهم: «تشدّدوا جميعًا وتقوّوا». وعرف سمعان طوال مدّة خدمته بغيرته الشديدة وتفانيه في الرهبنة، وكان سببًا في نهضتها وارتفاعها إلى أعلى القمم. كما أخذت مركزها بين الرهبنات الكبرى في العالم. ونهضت من الخمول والنسيان والانهيار، ولبست حلّة الثّوب الجديد أيّ ثوب «سيّدة الكرمل»، وامتدّت من الشرق إلى الغرب واستقرّت بقوّة في كل بلدان العالم.
ويُروى أنّ العذراء مريم اختارت أن يكون ظهورها الأخير في لورد في السادس عشر من يوليو/تمّوز 1858، وهو يوم عيد العذراء سيّدة جبل الكرمل. كما ظهرت العذراء مريم في فاطيما في الثالث عشر من أكتوبر/تشرين الأوّل 1917 على هيئة سيّدة جبل الكرمل لمّا ودّعت الأطفال الثلاثة. وعلى مدى العصور، ظلّت سلطانة جبل الكرمل تهتمّ بكلّ وفاء بمصير أبنائها المؤمنين على هذه الأرض.