القاهرة, الخميس 30 يونيو، 2022
أعلن الأب جهاد يوسف رئيس دير مار موسى الحبشي إعادة افتتاح الدير أمام الزوار والمريدين. وأوضح أنه خلال سنوات الحرب لم يلحق بالدير أي أضرار مادية مباشرة، رغم المعارك العنيفة التي جرت على مقربة شديدة منه. إلا أن الضرر الحقيقي كان ضررًا معنويًا؛ اذ تعرّض رئيس الدير السابق، الأب يعقوب مراد، للخطف لأشهر عدّة في العام 2015. وكذلك اختفى الأب الإيطالي باولو دالوليو بعد أن أمضى فيه 30 عامًا تقريبًا. فهو الذي أعاد للدير رونقه وألقه، جاعلًا منه ملتقى للحوار بين الأديان، ومقصداً للزوّار والمُصَلّين. خاصّة أنّ وقوع الدير على تلة صخرية وعرة ترتفع 1320 مترًا عن سطح البحر، تعطي المرء سكينة لا مثيل لها، وتفرض عليه تسلّق 300 درجة لبلوغه. كما على مشهدٍ استثنائيٍّ متمثلٍ بالكهوف المحيطة بالدير ومغارة واسعة محفورة في الصخر تبعد 50 مترًا عنه، يعتقد أنها كانت مخصصة لسكن النساك والزهاد والمتعبدين، ثم أصبحت خاصة لحفظ مؤونة الدير. وتبدو من هناك مغارة أخرى، يطلق عليها اسم «مقبرة الراهب»، يقصدها الناس أيضًا لاحتوائها على عظام يُعتقد أنها لناسك.
دير مار موسى الحبشي هو دير سرياني عريق وقديم، يعود إلى القرن الخامس أو السادس. قد شُيد على أنقاض قلعة رومانية تعود للقرن الثاني الميلادي. وهو يقع على مسافة 80 كم شمال العاصمة السورية دمشق، ويبعد 15 كم عن مدينة النبك، على سلسلة جبال القلمون السورية. سمي بهذه الاسم تيمنًا بالقديس موسى الحبشي، الذي تروي الاسطورة الشعبية المتداولة عنه، أنّه كان ابناً لأحد ملوك الحبشة في القرن السادس. ترك حياة الترف، وفرّ من والده الذي أراد أن يزوجه. وصل إلى دير مار يعقوب المقطع القريب وعاش فيه (وهو يقع حاليًّا في قرية قارة التابعة لمحافظة ريف دمشق). إلا أنه رغب فيما بعد بمزيد من التوحد والنسك، فقادته خطاه إلى هذا المكان حيث أقام في أحد الكهوف. وكان ذلك فاتحة الحياة الرهبانية في ذلك المكان المقفر من البادية.
لمحة في تاريخه الديني
تؤكد المصادر أن العصر الذهبي لدير مار موسى الحبشي كان في القرون الوسطى، خاصة في الفترة الممتدة بين القرن العاشر والسادس. وقد خضع عدة مرات للترميم أو التوسيع أو التجديد.