بيروت, الأربعاء 29 يونيو، 2022
وُلدت رفقا في 29 يونيو/حزيران سنة 1832، في بلدة حملايا، وهي قرية جميلة من قرى المتن الشمالي قريبة من بكفيّا. ولمّا قبلت سرّ المعمودية المقدّس، دُعيت باسم «بطرسيّة» نظرًا لعيد مار بطرس وبولس. نشّأها والداها على حبّ الله والمثابرة على الصّلاة. تُوفّيَت أمّها وهي لمّا تزل في السّابعة من عمرها، وكانت مولعة بحبّها. أُرسلت إلى الشام كي تعمل كخادمة هناك. وبعد عودتها، كان والدها قد تزوّج للمرّة الثانية. كانت رفقا جميلة الطّلعة، طيّبة المعشر، خفيفة الروح، رخيمة الصوت، تقيّة وديعة. أرادت خالتها، شقيقة أمّها، أن تزوّجها بابنها، وكذلك خالتها زوجة والدها، من شقيقها، ممّا أدّى إلى خصامٍ بينهما، حزنت رفقا نتيجة هذا الواقع، واختارت أن تعتنق الحياة الرّهبانيّة.
ذهبت إلى دير سيّدة النجاة، في بكفيّا، للترهّب في جمعيّة المريمات. ولدى دخولها كنيسة الدير، شعرت بفرح عميق. نظرت إلى أيقونة سيّدة النجاة وسمعت في أعماقها صوت الدّعوة إلى تكريس ذاتها لله. استقبلتها الرئيسة وقبلتها من دون أن تستجوبها. عاشت القدّيسة رفقا حياتها في الرّهبنة، وفق ما تفرضه من أنظمة وقوانين. فكانت مثال التّقشّف والطّاعة والعفّة والصّلاة والعمل، وكانت تجيد الخياطة والتطريز. ومن ثمّ، لم تكن تحبّ أن تستريح من عناء التّعب، بل كانت تعمل وتصلّي بشكل متواصل. وكانت تستغلّ أوقات الفراغ لتتلقّن اللغة العربيّة والخطّ والحساب.
أُرسلت رفقا إلى دير القمر لتلقّن الفتيات التعليم المسيحيّ. وفي تلك الحقبة، عصفت بلبنان الأحداث الأليمة والمخيفة. رأت رفقا بأمِّ العين استشهاد الكثيرين، وتميّزت بالشّجاعة حتّى إنّها حنّت على أحد الأطفال وخبّأته بردائها، فأنقذته من خطر الموت.
ومن المهام التي أوكلت أيضًا إلى رفقا، فهي توجّهت بأمر من الرؤساء إلى مدرسة جمعيّتها في جبيل، وأقامت فيها لمدّة سنة تُعلّم البنات على أسس الإيمان. وبعدها نقلت من مدرسة جبيل إلى قرية معاد، وأقامت هناك مدّة سبع سنوات، أنشأت خلالها مدرسة لتعليم البنات بمساعدة إحدى أخواتها الراهبات. وبينما كانت تقيم في معاد، وعقب أزمة أصابت جمعيّة المريمات، دخلت رفقا إلى كنيسة مار جرجس، وطلبت من الربّ يسوع أن يساعدها على اتّخاذ القرار، سمعت صوتًا يناديها: «إنك تترهّبين». وصَلَّت رفقا حتّى تراءى لها في الحلم مار جرجس ومار سمعان العامودي ومار أنطونيوس الكبير الذي قال لها: «ترهّبي في الرهبنة البلديّة».