الطوباوي الأخ إسطفان نعمة...مرآة التواضع والوداعة

ضريح الطوباوي الأخ إسطفان نعمة في كفيفان-صورة ضريح الطوباوي الأخ إسطفان نعمة في كفيفان | Provided by: Ghada Abdo

«اُدْخُلُوا مِنَ الْبَاب الضَّيِّقِ، لأَنَّهُ وَاسِعٌ الْبَابُ وَرَحْبٌ الطَّرِيقُ الَّذِي يُؤَدِّي إِلَى الْهَلاَكِ، وَكَثِيرُونَ هُمُ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ مِنْهُ! مَا أَضْيَقَ الْبَابَ وَأَكْرَبَ الطَّرِيقَ الَّذِي يُؤَدِّي إِلَى الْحَيَاةِ، وَقَلِيلُونَ هُمُ الَّذِينَ يَجِدُونَهُ!» (متى 7: 13-14).

لقد أصغى الطّوباوي الأخ اسطفان نعمة إلى كلمة الربّ، بقلبه وروحه، وعبر نحو الحياة الأبديّة من الباب الضيّق، عاملًا بوصيّة المسيح، فهو مال منذ طفولته إلى عيش حياة العزلة والانفراد والصمت. وقيل عنه إنّه كان يهرب إلى البرّيّة ويمضي وقته في الصّلاة والتأمّل، وكان يشعر باستمرار برغبة قويّة في الاتحاد بالمسيح، وتكريس حياته له عبر اعتناق الحياة الرهبانيّة. كان على الدوام، قبل أيّ عمل يقوم به، يردّد عبارة «الله يراني»، فتمكّن من أن يختبر حقيقة الثقة بالله وكيفيّة الاستسلام المطلق إلى مشيئته المقدّسة. وعلى الرّغم ممّا مرّ به من اختبارات صعبة في حياته، إلا أنّه بفضل تلك العبارة، ظلّ ثابتًا في سلامه الرّوحيّ.

كما أنّ علاقة الأخ إسطفان بالله قد تأسّست على نظرة مفعمة بالمحبّة. ومن ثمّ، جعلته هذه النّظرة يتحرّر من القلق من المجهول. وبعدها، كانت محبّة الله الحجر الأساس في بناء حياته الروحيّة والإنسانيّة. هو لا يرى الله إلّا من خلال أعمال المحبّة والرحمة والفرح والإصغاء للآخرين وغيرها من النّعم الرّوحيّة. وهذه الأمور جميعها، حرص الأخ إسطفان على ترسيخها في حياته. وهي كانت تستلزم منه بذل الذّات بطريقة متواصلة، لأنّنا، وفق رأيه، يجب أن نحبّ القريب، كما هو، أي مع كلّ حسناته ونقائصه. ولمّا لم يكن الأخ إسطفان يملك أموالًا أو مقتنيات كي يقدّمها للمحتاجين إليها، كان يعطيهم تعبه وطعامه الخاصّ، حتّى وصل به الأمر إلى محبّة قريبه أكثر من نفسه. وقد اشتهر بمحبّته العميقة للربّ، ولإخوته الرهبان، والفعلة الذين كان يعمل معهم.

وفي الغوص أكثر في فضائله، نجد أنّه كان يمضي معظم أوقاته في الأديرة بين الصلاة والعمل؛ كان يحضر قدّاسات الكهنة، وهو يشتعل بحرارة الإيمان. كما كان يوزّع ساعات نهاره على فعل الصّلاة والتأمّل، وتلاوة الورديّة، والسّجود أمام القربان المقدّس، والعمل في أرزاق الدير.

كان الأخ إسطفان مثال الفقر والطّاعة والوداعة. بنى ملكوته الرّهبانيّ على أساس التّواضع المتجذّر والمتين. وترقّى في سلّم الكمال الرّوحيّ، ولم تكن الابتسامة تفارق ثغره. كان بسيطًا ولم يتذمّر يومًا ولم يسعَ إلى بلوغ المجد الأرضي، وتميّز بكلامه القليل، وإذا اضطرّ مرّة إلى أن ينبّه أحدًا، فيكون ذلك بصوت منخفض. من هنا، استحقّ أن يطلق عليه معاصروه لقب «مرآة التواضع والوداعة» في كلّ مراحل حياته.

نسألك، يا ربّ، أن تمنحنا نعمة الإصغاء إلى صوتك بقلبنا وروحنا، وأن تعلّمنا تحصين الذّات بالفضائل الرّوحيّة، حتّى تغدو حياتنا تجسيدًا لفيض حبّك اللامتناهيّ، فنستحقّ عندئذٍ أن نعانق مجدك مع الأخ إسطفان ونهتف لاسمك المبارك إلى أبد الآبدين. آمين.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته