بيروت, السبت 25 يونيو، 2022
قال الربّ يسوع: «ما من أحد يضع يده على المحراث ويلتفت إلى الوراء يصلح لملكوت السماوات» (لوقا 9/6).
ننطلق من هذه الآية في الكتاب المقدس لنؤكّد أهميّتها في حياة كلّ إنسان سمع صوت الله بقلبه وروحه، وعرف سرّ تسلّق درج الحياة الأبديّة، وهذا ما فعله أبونا يعقوب الكبّوشي حين سمع نداء الربّ، فهو كان محبًّا لعائلته، وطالبًا ذكيًّا متفوّقًا، ملتهبًا في تعبّده لوالدة الإله، مريم العذراء. وكان معلّمًا ناجحًا في مزاولته رسالة التّعليم في الإسكندرية، وساهم في صقل تلاميذه بالفضائل الروحيّة وإنارة عقولهم بالمعرفة. كما كان شابًّا تقيًّا عاكفًا على العبادة والتأمّل في حياة المسيح. وفي تلك المرحلة، شعر برغبة قويّة تدفعه إلى ترك العالم وحمل الصليب، ملبّيًا بذلك نداء المسيح، وهو يردّد: «سأصير كاهنًا».
راح أبونا يعقوب يصلّي من كلّ قلبه وروحه كي يقنع أباه بصدق دعوته الرّهبانيّة، ويسمح له بالدخول إلى الرّهبنة الكبّوشيّة، فاستجيبت صلاته، ويوم دخوله الدّير، أعلن قائلًا: «دخلت طيِّب، وما بضهر إلّا ميِّت». أظهر ملامح الدّعوة الصّادقة للترهّب، ملتزمًا الفقر والعفّة والطاعة، وممتلئًا بحبّ الخدمة والصلاة.
وفي مرحلة الابتداء، راح أبونا يعقوب يتعلّم كيفيّة السّلوك في طريق الرّهبنة وما تتطلّبه الحياة الرّهبانيّة من فضائل بهدف بلوغ الأكمل. عاش بكلّ قناعة ومثاليّة، فكان قدوة صالحة للكثيرين في جميع تصرّفاته، وكان يصغي إلى إرادة المسؤولين عنه، بكلّ طاعة ومحبّة واحترام. وكان كلما أحسّ بالضيق، يلجأ إلى الصليب المقدّس معترفًا بأنّنا في الصليب نرى عظمة محبّة المسيح، وفي الصليب نرى قدرة يسوع، وفي الصليب نرى سلام يسوع.