بيروت, الأحد 19 يونيو، 2022
كثيرون يطلبون مجد اللّه على هذه الأرض، وقليلون هم أنقياء القلوب الّذين يمشون في دروب القداسة أيّ بلوغ الحياة الأبديّة. ويشدّنا في هذا المضمار، الراهب المريميّ " أنطونيوس طربيه" الّذي عاش طوال حياته في التّقوى والفضيلة. وهو من قال: "دخلت الرهبنة فقيرًا وخرجت منها غنيًّا"، وهي عبارة كُتبت على قبره.
وهب الربّ الراهب المريميّ "أنطونيوس طربيه" الكثير من الفضائل والنّعم الروحيّة. هو من كان يحبّ أن يطلق المقرّبون عليه تسمية "أبونا أنطون". ومن أروع ما تميّز به هذا النّاسك هو حبّه وعشقه لوالدة الإله، أمّنا "مريم" العذراء، وهي تساعده في تسلّق دروب الطّهر والكمال. عرف هذا الراهب النّاسك التّقي الكثير من الآلام النّفسيّة والجسديّة، لكن على الرّغم من كلّ ذلك، كانت نورانيّة اللّه تشعّ من وجهه، والبسمة الملائكيّة ما كانت لتفارق ثغره، حتّى في لحظات الشدّة والمر، فهو راهب مريميّ وناسك مارونيّ، غرس صليبه بجوار صليب معلّمه الإلهيّ على الجلجلة، معلنًا كلّما أصابته الأوجاع: "ارحمني يا الله كعظيم رحمتك".
وفي الغوص أكثر في فضائله، عاش "أبونا أنطون" حياة مسيحيّة رهبانيّة نسكيّة ملتهبة بنيران الطّهر، قادت الكثيرين إلى لقاء المسيح. كان قلبه ينبض عبادةً متواصلة للقربان المقدّس، ويقيم الذّبيحة الإلهيّة بكلّ خشوع، ثمّ تمرّ الساعات وهو ساجدٌ أمام بيت القربان، وتتملّكه حرارة العاشق لمعشوقه.
وكان يسمع اعترافات المؤمنين، ومن ثمّ يحثّهم على ما يختبره بنفسه. وهو يقول: "الصّلاة هي كالدّم الجاري في العروق". وكان "أبونا أنطون" يحيا الصّوم، فلم يكن يأكل إلا مرّة واحدة في اليوم.