من هنا انطلق البابا في كلمته للتكلّم عن عطاء الروح القدس. إذ نحن غالبًا ما نتكلّم عن ذواتنا وعن إنجازاتناـ بينما يأتي الروح القدس مُعلنًا الآب والابن وليس ذاته، كما شرح الأب الأقدس. فإنّه يصعُب علينا حتّى مشاركة الآخرين بما نملك، وإن كان الآخرون فقراء يحتاجون إلى ما هو أساسيّ.
الاحتفال بعيد الثالوث ثورة لأسلوب حياتنا
وأكّد الحبر الأعظم أنّ الاحتفال بعيد الثالوث الأقدس ليست قضيّة لاهوتيّة بل ثورة في أسلوب حياتنا. ففي الثالوث لا يعيش كلّ أقنوم من أجل ذاته بل من أجل الآخرين وهذا ما يدفعنا لنعش على مثال الثالوث الأقدس. من هنا قال البابا: «اليوم يمكننا أن نسأل أنفسنا: هل تعكس حياتنا الله الذي نؤمن به؟ أنا الذي أعلن إيماني بالله الآب والابن والرّوح القدس، هل أؤمن حقًّا أنّي، لكي أحيا، أنا بحاجة إلى الآخرين، وبحاجة إلى أن أهب نفسي إلى الآخرين، وبحاجة إلى أن أخدم الآخرين؟ هل أؤكّد ذلك بالكلام أم أوكّد ذلك بحياتي؟»
لذا أكّد الأب الأقدس أنّ على الله الثالوث والواحد أن يظهر بالأفعال قبل الأقوال. فالله «محبّة» كما كتب يوحنّا الإنجيليّ (رسالة يوحنّا الأولى 4: 16). والله قد أظهر نفسه من خلال المحبّة. لذلك اعتبر البابا أنّه إن فكّرنا: «في الأشخاص الصّالحين والكرماء والودعاء الذين التقينا بهم: لنتذكّر طريقة تفكيرهم وتصرّفهم، ويمكننا أن نرى فيهم ولو صورة ضئيلة لله الذي هو محبّة». والمحبّة كما شرح البابا لا تعني فقط أن نريد الخير ونفعله بل أيضًا أن نستقبل الآخرين ونكون منفتحين عليهم ونفسح مجالًا لهم ونعطيهم مساحة.
علامة الصليب ليست علامة فقط
وتابع الأب الأقدس مُظهرًا كيف أنّه في أسماء الأقانيم الإلهيّة الثلاثة حضور للآخر. فالآب لا يمكنه أن يكون آب دون الابن. والابن لا يمكنه أن يكون ابن للآب. والرّوح القدس هو روح الآب والابن. لذلك أن نحيا على صورة الله ليست عيش كجزر معزولة عن الآخرين، بل بانفتاح عليهم واحتياج لهم. من هنا سأل البابا فرنسيس أيضًا إن كانت إشارة الصليب التي أرسمها انعكاس للثالوث أم مجرّد علامة وغاية في حدّ ذاتها؟