القاهرة, الخميس 2 يونيو، 2022
بعد أربعين يومًا من قيامته، صعد المسيح إلى السماوات، حيث كان قبلاً، بحسب قوله لتلاميذه قبل آلامه: «أَهذا حَجَرُ عَثرَةٍ لكُم؟ فكَيفَ لو رَأيتُمُ ابنَ الإنْسانِ يَصعَدُ إِلى حَيثُ كانَ قَبلاً؟» (يو6: 61و 62). بالطبع، هذا لا يعني أن المسيح كإله لم يكن في السماوات خلال زمن تجسده، بل أنّه سوف يصعد إلى هناك حتّى بجسده البشري. إلى هذا، نزوله من السماوات عنى تنازلاً إلهيًّا لا انتقالاً مكانيًّا. وهذا الحدث يفوق الإدراك الحسي، ولا يمكن حصره.
وقد ظهر المسيح لتلاميذه مرّات عديدة في الفترة بين قيامته وصعوده، وكشف أسرار ملكوت الله بحسب ما يذكر القدّيس لوقا الإنجيليّ: «أَلَّفْتُ كِتابيَ الأَوَّل، يا تاوُفيلُس، في جَميعِ ما عَمِلَ يسوعُ وعلَّم، مُنذُ بَدءِ رِسالَتِه، إِلى اليَومِ الَّذي رُفِعَ فيه إِلى السَّماء، بَعدَما أَلْقى وَصاياهُ، بِدافِعٍ مِنَ الرُّوحِ القُدُس، إِلى الرُّسُلِ الَّذينَ اختارَهُم. وأَظهَرَ لَهم نَفْسَه حَيًّا بَعدَ آلامِه بِكَثيرٍ مِنَ الأَدِلَّة، إِذ تَراءَى لَهم مُدَّةَ أَربَعينَ يَوماً، وكَلَّمَهُم على مَلَكوتِ الله» (أع1: 1- 3).
وعلى جبل الزيتون، رأى الرسل معلمهم يتركهم صاعدًا، بطبيعته البشرية نهائيًّا متحدًا بالمجد الإلهي، فصعود المسيح هو صورة وعربون لدخولنا إلى السماء: «وأَقامَنا معه وأَجلَسَنا معه في السَّمَواتِ في المسيحِ يسوع» (أفس2: 6) أي بسبب اتحادنا السري مع المسيح رأسنا.
وفي القرن الرابع الميلاديّ كان المسيحيّون يحتفلون بالصعود بعد ظهر يوم العنصرة، على جبل الزيتون. وفي القرن الخامس تحدّث يوحنا الذهبيّ الفم (344-407) في القسطنطينيّة، في الشرق، وأوغسطينس (354- 430م) أسقف هيبونة (أفريقيا الشماليّة) في الغرب، عن عيد الصعود الذي عمّ المسكونة. وشدّد سينودس أغاتا (أو: أغد) في جنوبي فرنسا، سنة 506 على الاحتفال بهذا العيد، والاحتفال بعيد الصعود قد توسّع في حقبة متأخّرة: فأول إشارة إلى احتفال بعيد الصعود بعد أربعين يومًا بعد الفصح، يعود إلى عام 370م (القوانين الرسوليّة 8 :33)