«صوتٌ صارخٌ في البرّيّة: أعدّوا طريق الربّ. اصنعوا سبله مستقيمة» (أش 40: 3). إنه يوحنا المعمدان الذي أعلى الصوت مبشّرًا بالربّ يسوع، وعمّده في نهر الأردن.
انطلاقًا من أهميّة مار يوحنا وتكريم المسيحيين له، اختارت الكنيسة الكاثوليكيّة في لبنان إنشاء مزار في بلدة كرخا الجنوبيّة.
ما سبب اختيار كرخا لبناء هذا المزار المقدّس؟ ما قصّة المعجزات التي اجتُرحت مع أهالي المنطقة، بعد طلب شفاعة مار يوحنا المعمدان؟ ما الرسالة التي أرادت الكنيسة الكاثوليكيّة إيصالها من خلال إنشاء المزار؟
إليكم الأجوبة في مقابلة خاصّة لـ«آسي مينا» مع راعي أبرشيّة صيدا ودير القمر للروم الملكيين الكاثوليك المطران إيلي الحداد.
سرّ كرخا وقصّة قطرة الماء العجائبيّة
في حديث خاصّ إلى موقعنا، أخبر المطران الحداد عن سرّ كرخا وارتباط أهلها بالقديس يوحنا المعمدان، قائلًا: في الماضي، كانت كرخا حول المزار القديم، علمًا بأن الكنيسة والمدافن متبقّية من البلدة القديمة منذ 1706. مع مرور السنوات، لم ينفكّ أهل البلدة يكرّمون يوحنا المعمدان، وأسّسوا كنيسة جديدة حملت اسم مار يوحنا الحبيب. من ثمّ، بدأت المعجزات والشفاءات التي لم يتمّ إثباتها، وبرزت ظاهرة قطرة الماء التي كانت تملأ الجرن في الكنيسة القديمة، من دون معرفة مصدرها، فاعتبرها الأهالي مباركة وعلامة فيض نعم، وصار المزار مقصدًا للزائرين من مقيمين ومغتربين، ولا سيّما في عيد مار يوحنا المعمدان في 24 حزيران، طالبين شفاعة هذا القديس العظيم.
ولفت المطران الحداد إلى الفرق بين الشفاعة الشعبيّة والأعجوبة اللتين تلتقيان في القداسة، مضيفًا: إن هذه العجائب تحمل في ثناياها نوعًا من التقوى الشعبيّة التي تحيي حركة الحجّ إلى المزار.
وتابع المطران الحداد: تمّ تجديد المزار واستغرق العمل فيه نحو عامين ونصف العام، مشدّدًا على دور مموّل المشروع شارل حنا الذي بذل أقصى جهوده من أجل تحويل هذا المزار إلى محطّة أكثر أهميّة وجعله يتميّز برونقه الخاص ووضعه في إطار طبيعي وروحي ليستقبل المزيد من الحجّاج، بعد نيل الموافقة على مشروعه، فضلًا عن جهود أهل كرخا، ولا سيّما رئيس بلديّتها جان نخله ومختارها أنور نصّورة.
إلى ذلك، قال المطران الحداد إن القسم الأوّل من المشروع أُنجز وسيُدَشّن في 4 حزيران المقبل، ويشمل ما يلي: تمثال مار يوحنا المعمدان الذي يعمّد يسوع المسيح، والساحة الخارجيّة المُعدّة لاستقبال الاحتفالات الدينيّة والحشود الشعبيّة، والصليب الذي أعطى أطرًا جديدة للتأمّل والصلاة وسط الطبيعة، وتماثيل للقديسين اللبنانيين أو للّذين يكرّمهم اللبنانيّون، وجناح للتذكارات، فضلًا عن موقف كبير للسيّارات. أما القسم الثاني من المشروع، فسيضمّ تلفريك يصل إلى النهر من التلّة المجاورة للمزار.
رسالة الكنيسة الكاثوليكيّة من خلال إنشاء المزار
وختم المطران الحداد حديثه عبر «آسي مينا»، مشدّدًا على أن الكنيسة الكاثوليكيّة أرادت من خلال إنشاء مزار مار يوحنا المعمدان في كرخا إيصال رسالة مهمّة تشمل 3 نقاط أساسيّة:
-هذا المزار رافق المرحلة الأولى من إنشاء كنيسة الروم الكاثوليك في العام 1706، وإعادة قيمتها التاريخيّة روحيًّا وهندسيًّا أي على صعيد التراث العمراني خطوة شديدة الأهميّة.
-مار يوحنا المعمدان يُكرّم تكريمًا خاصًّا وله 6 أعياد في السنة في الليتورجيا البيزنطيّة، وهو أوّل مُعَمَّد في الكنيسة، وله شفاعة خاصّة عند المسيح، والمؤمنون قريبون منه.
-تثبيت المسيحيين في المنطقة عبر خلق مزار جديد يستقطب الحجّاج في شرق صيدا التي تهجّر أهلها في الماضي، وتعود المنطقة الآن لتكون علامة حياة تستقبل الزائرين المسيحيين والمسلمين، إذ إن مار يوحنا هو النبي يحيى في الإسلام، وهذا ما يجعلها منطقة تلاقٍ بين المسيحيين والمسلمين، فضلًا عن البيئة الخلابة.
مديرة التحرير السابقة في «آسي مينا»، صحافيّة لبنانيّة ملتزمة. سعيت دومًا في مسيرتي المهنيّة إلى حمل شعلة البشارة باسم يسوع المسيح وإيصال كلمته إلى أقاصي الأرض.
الأكثر قراءة
1
2
3
4
5
اشترك في نشرتنا الإخبارية
رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!
تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته