درعا, الخميس 16 يونيو، 2022
خلال سنوات طويلة من الحرب بين الجيش العربي السوري والعصابات المسلحة ضمن مدينة درعا، كانت كنيسة سيدة البشارة للروم الأرثوذكس تقع على خط التماس بين الطرفين ولم تَسْلم من الشظايا والقذائف التي طالتها إلا أنها واصلت رغم ذلك عيش إيمانها المسيحي بإحياء الأعياد فيها.
يعود تاريخ تأسيس كنيسة سيدة البشارة إلى القرنين الخامس والسادس الميلادي وهي معاصرة لكنيسة جاورجيوس في ازرع وبنيت من الحجر البازلتي على شكل مربع من الخارج وصليب من الداخل وتحوي زواياها الأربع على أربع حنيات من البيتون بنيت في فترات لاحقة.
إن كنيسة سيدة البشارة هي واحدة من ثلاث كنائس فقط في مدينة درعا، وإن كان وضعها الرعوي أفضل منهما، إذ أن كنيسة البروتستانت الإنجيلية قد أغلقت أبوابها تماماً، وكنيسة يوحنا الدمشقي للروم الكاثوليك لا يتواجد فيها كاهن بشكل دائم أما كنيسة سيدة البشارة استمرت في إحياء المناسبات الطقسية، لكن بالنسبة لوضع بنائها وعمارها فهو أسوأ، في صيف عام 2018 سيطرت الحكومة السورية على كامل محافظة درعا إثر عملية عسكرية واتفاقات تسوية وإجلاء للفصائل المعارضة، وانطلقت أعمال الترميم في الكنيسة في عام 2019، فأعيد إصلاح سقفها الذي خرقته قذيفة، وأُغلقت فتحات تركتها شظايا الرصاص في جدرانها، واستبدل زجاج نوافذها، وفي القاعة الرئيسية تم مسح الأرضية المصنوعة من بلاط أبيض وأسود اللون، وتم وضع صليب خشبي كبير أمام المذبح ومن خلفه زجاج رُسمت عليه أيقونات ملونة.
في يومنا هذا باتت بعض القرى في درعا شبه خالية من المسيحيين، ولم يبقَ فيها سوى الآباء والأمهات وكبار السن بعدما رحل معظم الشبان بحثاً عن الأمان أو العمل، كان ذلك جراء توقف الكثير من مرافق الحياة في درعا خلال فترة الحرب، لكن الفرحة الأكبر التي يعيشها أهالي تلك المنطقة الذين لم يتخلوا عن انتمائهم وأرضهم وإيمانهم ورجائهم المسيحي هي بسماع خبر انهاء "شعبة آثار ازرع" بالتعاون مع المجتمع المحلي في بلدة شقرا بريف درعا أعمال الترميم الإسعافي لكنيسة سيدة البشارة التاريخية.