بعد ذلك، شرحت الأخت هيلين عن انهيار العملة اللبنانيّة قائلةً أنّ هنالك تقديرات تقول أنّ العملة قد انهارت بنسبة 90 بالمئة. وقالت أنّ هنالك صعوبة في إرسال المساعدات إلى لبنان، لأنّ هناك خوف ألّا تصل الأموال إلى أصحابها بسبب جمود البنوك أو بسبب نقل هذه الأموال إلى الداخل السوري. يُضاف إلى الوضع اللبناني المأزوم انفجار مرفأ بيروت في 4 آب 2020 الذي خسر لبنان بسببه الانفجار عشرات آلاف الأطنان من الحبوب. كما ضرب الانفجار العديد من المدارس والمساكن والجزء المسيحي من بيروت.
«أرجوكم، لا تدعوا لبنان يسقط!»
كان لبنان يشكّل ملجأ آمنًا للمسيحيّين في الإقليم، كما شرحت الأخت هيلين. لكن اليوم، العديد من المدارس والمؤسّسات أقفلت أو هي في طور الإقفال. ووصل الدولار في آذار هذا العام إلى 33000 ليرة لبنانيّة. وما كان يساوي 4000 دولار يساوي اليوم 200 دولار كما شرحت الأخت. الحدّ الأدنى اليوم لا يساوي 50 دولار! لكن على العائلة أن تدفع فاتورة الكهرباء والإيجار والبنزين والمازوت للتدفئة في الشتاء والطعام. فقد أقلّه 75 بالمئة من المودعين قدرتهم الشرائيّة وهنالك العديد من المدارس المسيحيّة التي يجب أن تُقفل في مناطق لا توجد فيها مدارس عامّة، بالتالي إن أقفلت تلك المدارس، على العائلات المسيحيّة أن تغادر البلاد أو تترك أبناءها دون تعليم. وآخر مصيبة في ذلك، هي الحرب الأوكرانيّة، لأنّ اهراءات القمح دُمّرت في انفجار المرفأ فلبنان لا يملك امكانيّة تخزين القمح. لكن لبنان دولة مستوردة للقمح من أوكرانيا. لذا يقف لبنان اليوم أمام أزمة كبيرة.
شرحت الأخت أنّ «عون الكنيسة المتألّمة» تدخّلت لإنشاء مركز مساعدة للراهبات في برج حمّود. وذكّرت الأخت هيلين أنّه في عام 1995 عُقد سينودس للبنان قال فيه يوحنّا بولس الثاني أنّ «لبنان أكثر من بلد بل هو رسالة للعالم». لذلك قالت الراهبة: «لا يمكننا أن ندع لبنان يسقط» فله أهمّية لمنطقة المشرق ولما تبقّى من مسيحيّي العراق وسوريا. شدّدت الأخت هيلين على قولها قائلة: «أرجوكم، لا تدعوا لبنان يسقط!» فهو مهمّ لكلّ المنطقة لما يعطيه من رجاء لمسيحيّي المنطقة.
تأثير الأزمتين على إيمان المسيحيّين
سئلت الأختين خلال المؤتمر عن أثر الحرب السوريّة والأزمة الاقتصاديّة اللبنانيّة على إيمان مسيحيّي البلدين. فخلصتا إلى أنّ: «هنالك من لام الربّ في بداية الحرب على سماحه بالألم وموت الناس؟ لماذا خلّص الربّ هذا الشخص وليس ذلك؟». لكن هنالك آخرون قد نما إيمانهم وثبت فامتلأت بهم الكنائس. وشرحت الأخت آنّي أنّهن كنّ يفضّلن عدم الصلاة في العديد من المرّات، بالأخصّ مع بداية الحرب السوريّة، لأنّ العديد من الناس كانوا يلومون الله على ما يحصل. أمّا في لبنان لأنّه بلد مليء بالأديرة وبالأخصّ فيه ضريح مار شربل فالكثير من الناس يصلّي بخشوع من أجل السّلام، كما شرحت الأخت.
وفي إجابةٍ عن شعور المسيحيّين اللبنانيّين اليوم بعد الانتخابات النيابيّة، قالت الأخت آنّي أنّ العديد من الأساقفة يساعدون في توعية المسؤولين على ضرورة ساسة الوطن نحو السّلام والعدل.
(تستمر القصة أدناه)
اشترك في نشرتنا الإخبارية
امرأة أرادت الانتحار بسبب تضوّر أبنائها جوعًا
أخبرت الأخت آنّي عن العديد من الخبرات التي تعيشها الأخوات. إذ ذكرت الأخت آنّي مساعدة الراهبات للعائلات الغنيّة التي افتقرت بسبب الحرب. تلك العائلات تشكرهنّ اليوم على مساعدتهنّ لأنهنّ حافظن على كرامتهم مُبعدين عنهم ضرورة الوقوف في صفوف الاستعطاء. ذكرت الأخت أيضًا حادثة امرأة أرادت الأسبوع الفائت الانتحار راميةً نفسها عن جسر في دمشق لأنّها غير قادرة على إطعام أطفالها. لكن تساءلت الأخت: «لكم من الوقت سيستطيع الناس ابعاد تلك المرأة عما تعاني؟ لأسبوع آخر؟ لأسبوعين؟ نحتاج إلى حلّ حقيقيّ». ذكرت الأخت آنّي مشاريع اجتماعية وإنسانيّة عديدة يقمن بها كعائلة في حلب تعرّضت لقصف صاروخي فتعرّضت شابّة من تلك العائلة للشلل والوالد أيضًا فقد قدرته على المشي. اليوم ترسل الأخوات لهذه البنت سيارة أجرة يوميّة لتنقلها إلى الجامعة وتعيدها كي تتابع علمها الجامعي. وأكّدت الأخت في سياق الحديث على أنّ للفقراء الحقّ باختيار ثيابهم وطعامهم، على سبيل المثال. لذلك هنّ يعطينهنّ الامكانيّة باختيار الثياب الذي يرغبن بلبسه.
الحاجات عظيمة لكن قبر المسيح فارغ
ختمت الأخت آنّي قائلة: «الحاجات عظيمة» وإن سمعتم أنّنا بحاجة للمساعدة أو آخرون بحاجة فإنّ ذلك حقيقي لأنّ الحاجات كبيرة. وشكرت الأخت وختمت متذكّرة كلمات النساء عند قبر المسيح اللواتي قلن: «أين وضعت الربّ؟» إذ علينا أن نسأل دائمًا أين وضعنا الربّ؟ من هنا طلبت الأخت الصلاة من أجلهنّ.