وأضاف: علينا النظر إلى اختباراتنا على ضوء الصليب، والثقة بأن الله هو شافي جراح البشريّة. هذه الاضطرابات والتغيّرات في العالم تعطي الفرصة كي يقوى إيمان الإنسان ليعرف أن الربّ لم يتركه، وأنه أعطاه علامة عهده: «إني ولو سلكت في وادي ظلال الموت، لا أخاف سوءًا لأنك معي» (مز 23: 4).
وقال الخوري سلّوم: سنرى كيف ستقودنا هذه الأزمات إلى التجدّد والعودة إلى إنسانيّتنا والتضامن مع بعضنا والتشفّع إلى الربّ، وستجعل البشريّة تعي أنها ضعيفة وبحاجة إلى قدرة الله. الربّ يحمل أمراضنا ويهبنا الشفاء علامة على الملكوت، ويدعونا إلى انتظاره والاقتراب منه ولمسه لأن المرض موجود في كل الأزمنة والأمكنة، لكننا سنُشفى كالنازفة وعبد قائد المئة.
هل الوباء عقاب أم تأديب؟
إلى ذلك، سلّط الخوري سلّوم الضوء على انتشار الأوبئة في ذهنيّة العهد القديم، إذ انتشر الوباء بسبب كبرياء النبي داوود وتمرّده على الربّ واستثمار المال في السلاح. ولمّا تاب، توقّف الوباء. أما في عهد النبي موسى، فقد ظهر الوباء عند تحرير الشعب من العبوديّة، ولم تستطع حكمة المصريين وآلهتهم وضع حدّ للأوبئة، فظهرت قدرة الخالق وسيادته وتفوّقه على الجميع، وأعلن الربّ أنه المدافع عن المظلومين وشعبه إذ أراد أن ينتهي ظلم الشعوب وقتل الأطفال واستعباد البشر لأنه إله التحرير.
وتابع: كان الوباء وسيلة للتحذير من سلوك السبل الخاطئة ودعوة إلى التوبة والتأمّل في العدالة من منظور إلهي. النبي موسى تضرّع إلى الله من أجل الشعب، والنبي هارون قدّم البخور كي يردّ سخط الله، فامتنع الوباء عن العالم.
وأكد الخوري سلّوم أن الوباء ليس عقابًا أو تأديبًا من الله لأنه ليس مصدره، لكننا عندما نحسن قراءة إرادة الله في تاريخ البشريّة، سنكتشف أنه لا يتركها مثل الأمّ التي لا تنسى رضيعها.
رحمة الله في زمن الأوبئة
في سياق متصل، قال الخوري سلّوم إن البشريّة تطرح جدليّة كبيرة حول هويّة يسوع، وتسأل عن سبب صمته أو عدم تدخّله في تاريخ البشريّة، إلا أن للربّ حكمة مختلفة عن منطقنا في معالجة الأزمات.
وأشار إلى موقفَيْن نقيضَيْن متطرّفَيْن يتّخذهما البشر؛ الأوّل هو موقف الشخص الذي يعتبر نفسه مؤمنًا ويعتقد أن لا إمكانيّة لهذا الوباء أن يصيبه ويؤذيه لأن الربّ يحميه، فلا داعي للهلع أبدًا، لكنه موقف متطرّف لأن الكثيرين من القديسين والمؤمنين والأتقياء أصيبوا بالأمراض وقضوا بسببها. أما الثاني، فهو موقف الخائفين والقلقين والمرتبكين الذين يعيشون أسرى مخاوفهم وينسون كلمات صاحب المزمور: «الربّ نوري وخلاصي، فممّن أخاف؟» (مز 27: 1).
واستشهد الخوري سلّوم بكلام النبي أشعيا: «اذهب يا شعبي وادخل حجراتك، وأغلق الأبواب خلفك. اختبئ نحو لُحَيْظة حتى يعبر الغضب» (أش 26: 20)، داعيًا المؤمنين إلى الاختباء في قلب الله واللجوء إلى حمايته والثقة به لأنه يضع علامات الرحمة ويفتقد شعبه ويشفيه.
آيات تذكر الأوبئة وتدلّ على رحمة الله
(تستمر القصة أدناه)
اشترك في نشرتنا الإخبارية
وختم الخوري سلّوم، مستشهدًا بالآيات التي ورد فيها ذكر الأوبئة ودلّت على تجلّي رحمة الله: «إن تواضع شعبي الذي دُعي باسمي وصلّى والتمس وجهي وتاب عن طرقه الشريرة، فإني أسمع من السماء وأغفر خطيئته وأشفي أرضه. الآن، ستكون عيناي مفتوحتَيْن، وأذناي مصغيتَيْن إلى الصلاة المُقامة في هذا المكان» (2 أخ 7: 14-15).
ودعا جميع المؤمنين إلى عدم الخوف والعودة إلى الربّ وطلب الشفاء منه والمصالحة معه ومع الآخرين.
مديرة التحرير السابقة في «آسي مينا»، صحافيّة لبنانيّة ملتزمة. سعيت دومًا في مسيرتي المهنيّة إلى حمل شعلة البشارة باسم يسوع المسيح وإيصال كلمته إلى أقاصي الأرض.