تلاه البطريرك مار إغناطيوس أفرام الثاني فأشار إلى: "أنّ الخوف والقلق والهموم والمجاعات تسيطر على حياة أبنائنا وتجعلهم أمام درب صليب جديد، وأعطتنا دروسًا في الشّهادة المسيحيّة وهذه هي سمات الكنيسة في شرقنا كنيسة شهيدة ومتألّمة. نستنكر كل أنواع العنف والحرب، ونصلي من أجل إحلال السلام، وليس شعار هذا الاجتماع تشجعوا. انا هو. لا تخافوا سوى مؤشر لنكون شهودا للمسيح في الخدمة، والمحبة، والتضامن".
من جهته، البطريرك مار لويس روفائيل ساكو أنّنا "نحن الأحفاد علينا ألا نستسلم اليوم لليأس لأنّنا أبناء الرّجاء، وأتمنّى أن يخلص هذا الاجتماع بخارطة طريق تعزّز روح المسكونيّة، لأنّنا نشكّل فسيفساء جميلة بالتنوّع. يجب علينا الارتقاء بالحوار المسيحيّ الإسلاميّ على قاعدة المواطنة، والعمل على الالتزام الأخلاقيّ وتكريس مبادئ حقوق الإنسان ووضع استراتيجيّات تعمل من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية وحفظ كرامة الإنسان".
بدوره قال القسّ حبيب بدر: "المسكونيّة هي من أهمّ الحركات الموجودة في الكنيسة، وتجربتي علّمتني ما هو الصّبر المسكونيّ، وأؤكّد أنّ مجلس الكنائس لديه مستقبلًا زاهرًا وأثني على شعار اللّقاء لما يحمل من ثبات ورجاء وتجذّر".
كما ألقى الأمين العام لمجلس د. عبس كلمة قال فيها: "تشجّعوا لا تخافوا إذ أنّكم مكوّنون من عناصر إنسانيّة وإيمانيّة عزّ نظيرها. ها أنتم بعد ألفي عام ما زلتم تشهدون على رسالة السيّد المتجسّد المتمرّد على تجّار الهيكل كما على الظّلم، ومؤسّساتكم تملأ مجتمعاتكم ثقافة وعلما وخدمة". وأضاف:" نحن لا نخاف لأنّه علمنا ألا نخاف، بسيرته ومسراه وتعاليمه، لم يسمح للخوف أن يتسربل إلى قلوبنا. في هذا الشرق الممزّق والمتألّم، ننظر إلى المستقبل بثقة وأمل. نحن أبناء الحياة لأنّنا أبناء القيامة، نحبّ الحياة ونسعى إلى تجويدها وجعلها أفضل، بفضل المعرفة والبحث العالميّ". فإنّنا نجتمع، رؤساء، ومندوبي كنائس ومعاونيهم، أتوا ليباركوا المسار وليؤكّدوا استمراريّة العمل المسكونيّ وهو على عتبة الخمسين.
ثم كلمة لرئيس الطائفة الإنجيلية بمصر الدكتور القس أندريه زكي قال: "خاض مسيحيّ الشرق الأوسط خلال العقد الماضي تحديات خطيرة في عدة بلاد، هددت وجودهم وتأثيرهم، وهنا دور الكنيسة، التي كانت على مر العصور صامدة شامخة، متجددة، واعية، محافظة على الإيمان، حاملة الصليب وتابعة لإلهها، مقدِّمةً نموذج المحبة والخدمة والتراحم الإنساني.
ليس بمقدور أحدٍ مواجهة هذه التحديات والمتغيرات بمفرده، فهي كعاصفة شديدة تهدد الجميع، لكن لنا وعود الرب، وهي صادقة: "أنا هو لا تخافوا"، إنما تحمِّلنا مسؤولية تجاه بعضنا البعض وإرساليةً تجاه العالم المحيط بنا. فلدينا ككنيسة مسؤوليات تجاه مجتمعاتنا؛ إرسالية السلام في عالم مضطرب، والمحبة في عالم علت فيه أصوات الكراهية والإقصاء، ونبث الطمأنينة في وسط القلق.
أخيرًا، أصلي من أجل السلام المحبة والتآخي والإنسانية في منطقة الشرق الأوسط، وفي كل العالم، وأن تنحسر لغة العنف والحرب والكراهية. أصلي من أجل كنائسنا ودورها وتأثيرها في المجتمع، من أجل جميع الرعية في كل كنائسنا للثبات في كلمة الله والإيمان."
تخلّل يوم الافتتاح هذا الحدث المسكونيّ كلمات لعدد من بطاركة الشرق رؤساء وفود مجلس كنائس الشرق الأوسط ممثّلين مختلف العائلات الكنسيّة، إضافةً إلى تحيّات عبر الفيديو من بعض شركاء المجلس الدوليّين، ليختتم اليوم الأوّل بصلاة ختاميّة مع العائلة الأرثوذكسيّة الشرقيّة ترأسها البابا تواضروس.
كما شهد اليوم الثاني جولة تفقدية في مركز لوجوس بدير القديس الأنبا بيشوي بوادي النطرون، قام بها ضيوف الجمعية العامة، من أعضاء الوفود المشاركة وأعضاء اللّجنة التنفيذيّة لمجلس كنائس الشرق الأوسط، وخبراء وشركاء المجلس، تعرفوا خلالها على مكوناته وتأسيسه ورمزيته العريقة.
وتضمنت الجلسات، جلسة ترأسها القسّ الدكتور حبيب بدر، تم خلالها التأكد من النصاب القانونيّ وترشيح اللجان وتحديد أوراق الاعتماد، الترشيح، الإدارة، والصّياغة. تلاها جلسة عامة حول موضوع الجمعيّة "تشجعوا! أنا هو. لا تخافوا!" (مت ١٤: ٢٧).
ثم قدم الدكتور القس أندريه زكي، محاضرة لاهوتيّة حول أبعاد الموضوع، لا سيما في ظل التحديات الّتي يواجهها مسيحيّو المنطقة.
(تستمر القصة أدناه)
اشترك في نشرتنا الإخبارية
متأملًا، في معجزة المشي على الماء، وما تحويه من معانٍ لاهوتيةٍ عظيمةٍ وعميقةٍ، ورسائل حياتية نافعة لكل زمان ومكان. (مت 14: 22- 32).
مفسرًا "أنا هو".. التعرف على كينونة الله وهويته: فهو تعبير يحمل دلالات لاهوتية تشير إلى اسم الله الذي عرف الله به نفسه لموسى
لذا في هذا المشهد، يعلن السيد المسيح، إضافة إلى سلطانه غير المحدود على الطبيعة، أنه هو نفس الإله "يهوه" الذي كلم موسى في العهد القديم، ويؤكد على سلطانه بإعلان واضح عن هويته وكينونته الإلهية، ليمنح الثقة والسلام ويؤكد أن الأمور لن تخرج عن سلطانه مهما حدث. فهو الله الخالق، صاحب السلطان.
"لا تخافوا". وصية وإرسالية: يرتبط حضور الله بالسلام والتغلب على المخاوف، وهنا حينما أعلن السيد المسيح عن سلطانه وهويته، طمأن تلاميذه الخائفين في القارب من الغرق والموت. التعرف على الله هو مصدر الطمأنينة والسلام. وفي مناسبات عديدة نجد السيد المسيح يمنح السلام لتلاميذه المضطربين؛
وإذ يجتاز عالمنا اليوم ظروفًا قاسيةً من حروب وأوبئة وأزمات اقتصادية، فإننا مكلَّفون ليس فقط بالثقة في الله وقدرته وسلطانه، لكن أن نطمئن الآخرين أيضًا، فكلمة "لا تخافوا" ليست فقط وصيةً من الله لكنها أيضًا تحمل إرسالية ومسؤولية كبيرة علينا.
إن رسالتنا هي رسالة السلام وسط التحديات؛ فإن كان الموت هو أكثر ما يخيف الإنسان، فالمسيح انتصر عليه وعلى كل ما يخيف الإنسان ويهدده، قدم السيد المسيح الرعاية لكل هؤلاء، شفى المرضى وجال يصنع خيرًا، قدم لهم الخبز الفعلي في إشباع الجموع، وقدم لهم أيضًا الخبز الروحي في تعليمه وتغييره للأفكار السائدة الخاطئة، رفض أن يستمد سلطته من الناس لأنه وحده كلي القدرة والسلطان على الطبيعة والموجودات جميعها.