دمشق, الخميس 12 مايو، 2022
وسط دمشق القديمة وبحجارتها الصماء التي أسست حضارات كثيرة، نشهد قصة تحول غريبة لمعبد آرامي أصبح كنيسة مار يوحنا المعمدان وأخيراً تحول لبناء جامع بني أمية الكبير، ففي ذلك التحول الكبير اجتمعت المتناقضات والأصالة، واجتمع التاريخ مع الحضارة والجمال، كل ذلك تحت عباءات دينية مختلفة.
لقد كان موقع كنيسة يوحنا المعمدان في دمشق القديمة سوقاً تجارياً هاماً وأصبح معبداً في القرن الميلادي الأول (معبد الإله حدد الآرامي) وبعد انتشار الديانة المسيحية في عهد الإمبراطور الروماني ثيودورس الأول 379 م -395 م تحول المعبد إلى كنيسة سميت كنيسة القديس يوحنا المعمدان وذلك بسبب ضريحه الموجود داخلها حتى يومنا.
فبعد فتح بلاد الشام من قبل المسلمين بقيادة خالد بن الوليد وأبو عبيدة بن الجراح دخل كل منهما إلى دمشق من جهة، وبعد احتلالها كتب أبو عبيدة كتاب أمان، أقر فيه منح المسيحيين أربع عشرة كنيسة وأخذ منهم بدل ذلك نصف كنيسة مار يوحنا المعمدان وجعلها مسجداً على أن يبقى نصفها الثاني كنيسة للروم.
ولما انتقلت الخلافة إلى الوليد بن عبد الملك عزم على أخذ بقية هذه الكنيسة وإضافتها إلى أيدي المسلمين وجعل الكنيسة بأكملها مسجداً واحداً، حيث حاول الخليفة إقناع المسيحيين بالتخلي عن كنيستهم بالترغيب أولاً لكنه فشل فأصدر أمر بالهدم. فحزن المسيحيون وأتوا إليه وقالوا إن من يهدم هذه الكنيسة يجن فقال أنا أحب أن أجن في الله، ثم وقف على أعلى مكان من الكنيسة فوق المذبح وأخذ فأساً وضرب أعلى حجر فألقاه، فتبادر الجنود إلى الهدم وهم يصرخون الله أكبر. أما المسيحيون فقد بدأوا بالبكاء على الباب وقد تجمعوا، فأمر الخليفة رئيس الشرطة أن يضربهم ويفرقهم. ثم أرسل الوليد إلى ملك الروم في القسطنطينية يطلب منه عمالاً في الرخام والأحجار ليعمروا هذا المسجد وأرسل يهدده ويتوعد له إن لم يفعل ذلك فسوف يغزو بلاده بالجيوش، ويخرب كل كنيسة في بلاده، حتى كنيسة القيامة في القدس، وكنيسة الرها وجميع كنائس الروم.