دليل أثريّ في مَجمع كنيسة القيامة… بستان وقبر كما روى الإنجيل

القبر المقدّس داخل كنيسة القيامة، القدس القبر المقدّس داخل كنيسة القيامة، القدس | مصدر الصورة: رافي غطّاس/آسي مينا

في قلب مَجْمَع كنيسة القيامة، أقدس المواقع المسيحيّة، وعلى بُعد أمتار من المكان الذي يُعتقَد أنّه شهد صلب السيّد المسيح ودفنه، اكتشف علماء آثار دليلًا أثريًّا جديدًا يتناغم بشكل لافت مع ما ورد في الإنجيل بحسب يوحنّا: «وكانَ في المَوضِعِ الَّذي صُلِبَ فيهِ بُسْتان، وفي البُستانِ قَبرٌ جَديد لم يَكُنْ قد وُضِعَ فيهِ أَحَد» (يو 19: 41).

عثر فريق بقيادة البروفيسورة فرانشيسكا رومانا ستاسولا، من جامعة «سابينزا» في روما، على بذور وحبوب لقاح تعود إلى أشجار زيتون وكروم عنب عمرها يقارب ألفَي عام، وهي بقايا تؤكّد وجود حديقة مزروعة في الحقبة التي سبقت بناء الكنيسة.

من أعمال التنقيب والترميم الأثريّ في كنيسة القيامة-القدس، الأراضي المقدّسة عام 2023. مصدر الصورة: أرشيف جامعة سابينزا في روما/حراسة الأراضي المقدّسة
من أعمال التنقيب والترميم الأثريّ في كنيسة القيامة-القدس، الأراضي المقدّسة عام 2023. مصدر الصورة: أرشيف جامعة سابينزا في روما/حراسة الأراضي المقدّسة

وقالت ستاسولا في تصريحات لموقعَي «تايمز أوف إسرائيل» و«فوكس نيوز» الإلكترونيَّين، إنّ «الاكتشافات النباتيّة الأثريّة مهمّة جدًّا بالنسبة إلينا، نظرًا إلى ما ورد في إنجيل يوحنّا. الإنجيل يَذكُر منطقة خضراء بين الجلجلة والقبر، وقد تمكنّا من تحديد هذه الحقول المزروعة».

وجاءت النتائج ضمن مشروع الترميم الأثريّ في كنيسة القيامة الذي انطلق عام 2022 بموافقة الطوائف الثلاث المسؤولة عن الكنيسة: بطريركيّة الروم الأرثوذكس، حراسة الأراضي المقدّسة، والبطريركيّة الأرمنيّة، وبترخيص من سُلطة الآثار الإسرائيليّة.

من أعمال التنقيب والترميم الأثريّ في كنيسة القيامة-القدس، الأراضي المقدّسة عام 2023. مصدر الصورة: أرشيف جامعة سابينزا في روما/حراسة الأراضي المقدّسة
من أعمال التنقيب والترميم الأثريّ في كنيسة القيامة-القدس، الأراضي المقدّسة عام 2023. مصدر الصورة: أرشيف جامعة سابينزا في روما/حراسة الأراضي المقدّسة

تشير الروايات الأثريّة إلى أنّ الموقع كان في الأساس مقلعًا للحجارة في العصور القديمة، ثم تحوَّل تدريجًا إلى أراضٍ زراعيّة، وإلى موقع للدفن في القرن الأوّل الميلاديّ، ما يُطابق الطابع الطوبوغرافيّ للرواية الإنجيليّة.

وأضافت ستاسولا: «كان لا بدَّ من التخلّي عن المقلع، وبعد انتهاء استخراج الحجارة، أصبح يُستخدَم للزراعة ومن ثمّ استحالَ موقعًا للدفن. ويبدو أنّ هذا هو المشهد في زمن يسوع».

إلى جانب البقايا النباتيّة، عثِر على قطع أثريّة متعدّدة مثل الأواني الفخّاريّة، والمصابيح الزيتيّة، والزجاجيّات، والجدران الحجريّة المنخفضة التي تفصل بين قطع أراض كانت مزروعة، وبعضها يعود إلى العصر الحديديّ، وهو ما يشير إلى وجود حياة سكنيّة وحجّ دينيّ نشط في الموقع منذ العصور القديمة وحتّى القرن الرابع الميلاديّ، حين بدأت عبادة المسيحيّين علنًا بعد مرسوم قسطنطين.

من أعمال التنقيب والترميم الأثريّ في كنيسة القيامة-القدس، الأراضي المقدّسة عام 2023. مصدر الصورة: أرشيف جامعة سابينزا في روما/حراسة الأراضي المقدّسة
من أعمال التنقيب والترميم الأثريّ في كنيسة القيامة-القدس، الأراضي المقدّسة عام 2023. مصدر الصورة: أرشيف جامعة سابينزا في روما/حراسة الأراضي المقدّسة

وقد توقّفت أعمال التنقيب موقّتًا في خلال احتفالات أسبوع الآلام وعيد الفصح، على أن تُستأنف بعد ذلك باستخدام تقنيّات حديثة كالرادار المُخترِق للأرض والنمذجة الثلاثيّة الأبعاد لإعادة بناء المشهد الأصليّ باستخدام تقنيّات رقميّة.

وشدّدت ستاسولا على أنّ «هذه الحفريّات استراتيجيّة لفهم تطوّر المدينة المقدّسة وطريقة تقديسها في المفهوم المسيحيّ. وما زالت هناك مفاجآت كثيرة نترقّب اكتشافها».

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته