الأسبوع المقدّس بين سُعف السلام وصليب الألم

أورشليم... حيث يتمجَّد يسوع كمَلِكٍ أرضيّ عظيم، بل كعَبْدٍ متألّم (اللقطة من أربيل) أورشليم... حيث يتمجَّد يسوع كمَلِكٍ أرضيّ عظيم، بل كعَبْدٍ متألّم (اللقطة من أربيل) | مصدر الصورة: أبرشيّة أربيل الكلدانيّة

يبدأ أسبوع الآلام المقدّس بأحد السعانين، ليذكِّرنا بدخول يسوع المسيح بسلامٍ إلى مدينة السلام «أورشليم»، وباستقبال الناس المَلِك المنتَصِر، مهلّلين ومرنّمين وفارشين الطريق أمامه بأرديتهم وبسعف النخيل وهم يلوّحون بأغصان الزيتون، علامة السلام.

يشرح الأب منتصر حدّاد، راعي كاتدرائيّة مار توما للسريان الكاثوليك في ولاية ميشيغان الأميركيّة، عبر «آسي مينا» أنّ السلام الذي يبغيه يسوع ليس سلام هذا العالم، بل هو سلامٌ من نوع آخر، سلامٌ يمرّ بالصليب.

الأب منتصر حدّاد. مصدر الصورة: الأب منتصر حدّاد
الأب منتصر حدّاد. مصدر الصورة: الأب منتصر حدّاد

ويقول: «الكتاب المقدّس يعلّمنا أنّ أورشليم تمثّل حضور الله، ففيها الهيكل. ويُخبرنا الإنجيل أنّ يسوع هو حضور الله الحقيقيّ، وأنّه كلّما استذكر أورشليم، تذكّر آلام حَدَث الخلاص الذي سيعيشه من خلال مجد الصليب، ليتجلّى مجد الله الحقيقيّ».

الكنيسة حاضرة مع يسوع 

ويشير حدّاد إلى أنّ يسوع لم يكن وحده في مسيرة الدخول العظيم إلى أورشليم، بل كان مصحوبًا بتلاميذه، أي الكنيسة. ويتابع: «فلنتأمّل كيف تعيش هذه الكنيسة اليوم، وهي جسد المسيح السرّيّ وعلامة حضور الله وسط العالم، وكيف تعيش مسؤوليّة البشارة والخلاص والسلام الذي حمله يسوع إلى العالم».

ويستدرك: «هل نعي أنّنا موجودون من أجل خلاص العالم، وأنّ مهمّتنا هي تمامًا كمثل مهمّة المسيح؟ فالعالم كأورشليم يحتاج إلى معرفة خلاصه الحقيقيّ، ولن يدركه إلّا من خلال الكنيسة التي تكشف وجه المسيح للعالم».

«تتمثّل مسؤوليّتنا، بصفتنا معمّدين، في أن نهيّئ الطريق أمام يسوع ليدخل إلى أورشليم العالم، ونوصلَه إلى الأعماق ليَتَغَلْغَل في قلب العالم، بتخلّينا عن كلّ ما يقيّدنا ويعوق مهمَّتنا في أن نكون رسل سلام حقيقيّين نشهد للمحبّة والسلام»، بحسب حدّاد.

أورشليم... حيث يتمجَّد يسوع كمَلِكٍ أرضيّ عظيم، بل كعَبْدٍ متألّم. مصدر الصورة: Julia Raketic/Shutterstock
أورشليم... حيث يتمجَّد يسوع كمَلِكٍ أرضيّ عظيم، بل كعَبْدٍ متألّم. مصدر الصورة: Julia Raketic/Shutterstock

دعونا نثق بجواب الرّب

ويتابع: «كثيرون سيحاولون إسكاتَنا وخنق صوت الحقيقة في داخلنا، كما حاول بعض الْفَرِّيسِيِّينَ إسكات الجموع الهاتفة: "أُوصَنَّا! مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ!"، ولكن دعونا نثق بجواب الرّب يسوع: "أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ إِنْ سَكَتَ هؤُلاَءِ فَالْحِجَارَةُ تَصْرُخُ!"».

ويشدّد على أنّ عالمنا اليوم أحوَج ما يكون إلى الحقيقة، «فالحقيقة تجمع الكلّ بالمحبة، إزاء منطق العالم المُبَدِّد، باعتماده على الفردانيّة وإلغائه دور القِيَم والمبادئ، وإنكاره وجود لله، فاتحًا الأبواب أمام الشيطان ليدخل إلى العالم ويخنق الحقيقة ويقصيها».

ويدعو حدّاد المؤمنين إلى الانتماء إلى يسوع المسيح، الحقيقة المطلقة الداخلة إلى أورشليم العالم، واتّباعه، رغم الآلام المصاحبة، «فدَرْب الحقيقة هو درب الصليب، المنطَلِق من أورشليم، حيث سيتمجَّد يسوع، لا كمَلِكٍ أرضيّ عظيم، بل كعَبْدٍ متألّم يُساق إلى الذبح».

ويختم حدّاد مُذَكِّرًا بأنّ أحد السعانين هو باكورة أسبوع الآلام، و«أنّ من يريد الدخول مع يسوع إلى أورشليم اليوم، عليه أن يعي أنّ تحدّي الصليب سيلي ذلك، فَمَن تقبَّل مسيحًا مصلوبًا، فليَتبعه، وإلّا فليكن حجَرًا، لعلّه ينطق يومًا بالحقيقة، كما قال يسوع: "أَقولُ لَكم: لو سَكَتَ هٰؤلاء، لَهَتَفَتِ الحِجارَة!" (لو 19: 40)».

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته