«السريانيّة» بين الإقصاء والأصالة… تصريحات وزير سوريّ تثير الجدل

مؤتمر صحافيّ لهيئة الثقافة والآثار في الإدارة الذاتيّة الديمقراطيّة لإقليم شمال وشرق سوريا مؤتمر صحافيّ لهيئة الثقافة والآثار في الإدارة الذاتيّة الديمقراطيّة لإقليم شمال وشرق سوريا | مصدر الصورة: صفحة الإدارة الذاتيّة الديمقراطيّة لإقليم شمال وشرق سوريا في فيسبوك

أثارت تصريحات وزير الثقافة السوري الجديد محمد صالح عن اللغة السريانية ومعنى اسم سوريا انتقادات واسعة، ليس من المكوّن السرياني حصرًا بل أيضًا من مثقفين وباحثين ومتخصصين.

قال صالح في إحدى المقابلات التلفزيونية مقتبسًا من شخصية لم يُسمِّها: «السوري أو السوريون كلمة سريانية قديمة، والسريانية هي من اللهجات العربية القديمة. وتعني "السادة" ومنها جاءت كلمة "سير" بمعنى سيدي وذهبت غربًا».

وزير الثقافة السوريّ محمد صالح. مصدر الصورة: صفحة أخبار وقرارات الحكومة السورية الجديدة في فيسبوك
وزير الثقافة السوريّ محمد صالح. مصدر الصورة: صفحة أخبار وقرارات الحكومة السورية الجديدة في فيسبوك

وأصدرت هيئة الثقافة والآثار في الإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم شمال وشرق سوريا أمس بيانًا اعتبرت فيه أنّ تصريح صالح يُعبّر عن فكر إقصائي شمولي، وأنّ على الحكومة الانتقالية توخّي الحذر كي لا تقع في المستنقع الذي وقع فيه النظام البعثي، وأن تبتعد عن أيّ خطاب ينكر الهويات المتجذرة والأصلية.

وأشار البيان إلى أنّ تصريح صالح ادّعاء لا يستند إلى أيّ أساس علمي أو تاريخي موثوق. وأكد أنّ «اللغة السريانية تنتمي إلى الفرع الآرامي» (وليس العربي). أما عن تسمية سوريا، فأوضح البيان أنّ اليونانيين أطلقوها على الشعوب التي سكنت المنطقة «وهي تسمية ضاربة في عمق التاريخ».

تاريخ اللغة السريانيّة

نشأت السريانية بصفتها لغة مسيحية في الرها (أورفا اليوم في جنوب تركيا) وما حولها، وكانت بدايةً لهجةً آرامية شرقية، قبل أن تصبح بين القرنين الرابع والسادس لغة في ذاتها، خصوصًا بعدما دخلتها مفردات من لغات أخرى؛ وأبرز تلك اللغات اليونانية التي استعارت السريانية منها ما لا يقلّ عن 800 كلمة قبل القرن الثامن الميلادي، بحسب الباحث الأميركي آرون مايكل بوتس. مع ذلك، بقيت السريانية اللغة الأكثر ارتباطًا بالآرامية وتقع ضمن دائرتها اللغوية.

نشأت السريانيّة بصفتها لغة مسيحيّة في الرها وما حولها، وكانت بدايةً لهجةً آراميّة شرقيّة. مصدر الصورة: آسي مينا
نشأت السريانيّة بصفتها لغة مسيحيّة في الرها وما حولها، وكانت بدايةً لهجةً آراميّة شرقيّة. مصدر الصورة: آسي مينا

وقد تأثرت اللغة العربية الفصحى بالآرامية وتوأمتها السريانية، ليس في الكتابة وشكل الخط والأحرف فحسب، بل أيضًا من خلال احتواء العربية مئات المفردات الآرامية–السريانية، سواء الأصيلة منها أم تلك التي وجدت قبل الآراميين، وذلك في اللغتين الكنعانية والأكادية وغيرهما.

أما بالحديث عن اللغات أو اللهجات المحكية في مدن سوريا وقراها الطبيعية (بلاد الشام)، فعدد المفردات الآرامية-السريانية يتضاعف، وهو ما دفع بعض الباحثين إلى اعتبار تلك اللهجات سريانية أكثر من كونها عربية، ومنهم رجل الدين السرياني الكاثوليكي جرجس شلحت صاحب كتاب «لغة حلب السريانية».

اسم سوريا

أولى الإشارات إلى تسمية «سوريا» نراها في كتابات الكتاب الإغريق اعتبارًا من القرن الخامس قبل الميلاد، وكانوا يقصدون بها الإشارة إلى الأرض والشعب الواقعَين تحت سيطرة الإمبراطورية الآشورية. بعدها تطوّرت التسمية لتدلّ على الأرض الواقعة بين البحر المتوسط ونهر الفرات.

في النتيجة، تسمية سوريا مشتقة من آشور (المدينة واسم الإله)، ولا يوجد أيّ أثر مادي أو مصدر مكتوب، أو حتى أبحاث معاصرة منشورة في مجلات علمية محكّمة، تشير إلى أنّ سوريا تعني «السادة» وفق ما زعم الوزير السوري.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته