«دروب لبنان»... مبادرة فريدة لإحياء السياحة الدينيّة المسيحيّة

بكركي, الجمعة 28 مارس، 2025

أطلقت «مؤسسة تنمية الحج والسياحة الدينية» مشروع «دروب لبنان»، وهي مبادرةٌ فريدة تحمل بُعدًا مسكونيًّا عميقًا. وتهدف المبادرة إلى إنعاش السياحة الدينية المسيحية عبر تجربة حجٍّ فريدة مُستَوْحَاة من طريق القديس يعقوب (دروب سانتياغو) في إسبانيا.

جاء ذلك في خلال مؤتمر احتضنه الصرح البطريركي-بكركي عن «المسارات والدروب الجبلية الدينية» في لبنان في حضور البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي، ووزيرة السياحة لورا الخازن لحود، ولفيف من المطارنة والرؤساء العامين والرئيسات العامات والكهنة والراهبات والجمعيات والمؤسسات المسؤولة عن الدروب في مختلف المناطق اللبنانية وحشد من الشخصيات.

بعد كلمة المنسقة العامة سوزي الحاج، قال رئيس المؤسسة الأب خليل علوان: «يتميز لبنان عن سواه من البلدان المجاورة، إلى جانب ما يتمتع به من ثروة طبيعية ومناخ طيب ومواسم اصطياف، بأنّه بلد القديسين وبلد الرسالة». وأضاف: «أدركت الكنيسة المارونية أهمية هذا القطاع على الصعيدين الروحي والوطني، فأصدرت توصية بهذا الشأن في مجمعها البطريركي 2006. وأنشئت مؤسستنا عام 2007، لتكون بمنزلة المرجعية الكنسية الصالحة لجميع المنظمات الحكومية وغير الحكومية، والنقابات، والجمعيات، والشركات والأشخاص المعنيين بالحج والسياحة الدينية».

وتابع علوان: «في هذه السنة، حيث نتوسّم مواسم سياحة دينية زاهرة، أردنا أن نسلّط الضوء، من خلال هذا المؤتمر على الدروب الجبلية التي تتوجه في معظمها نحو المزارات ضمن إطار حج وإيفاء نذور. وقد أحصينا كثيرًا منها، وهي تُعدّ بالعشرات وتتماهى مع السنة الليتورجية للكنائس، ومنها ما هو شهري ومنها ما هو سنوي أو موسمي».

الراعي: عمل روحيّ إيمانيّ

أمّا الراعي فقال: «في هذا اللقاء الجميل اليوم نجتمع للاحتفال بدروب لبنان، وهي مخصصة للسياحة الدينية وتحمل مواضيع وغايات أساسية. وعندما نزور هذه المواقع نضطلع بعمل روحي وإيماني لأنّ هذه الدروب كلّها دروب إيمان وقداسة وتحمل معنى الرسالة السماوية. وعندما يسير المؤمنون على هذه الدروب يعيشون التقوى الشعبية التي هي مصدر الإيمان وقوّته. كما أنّ هذه الدروب هي دروب السلام، وكلّ مزار نصل إليه من خلالها نأخذ منه السلام الداخلي ونحمله إلى بيوتنا». وتابع: «اللقاء بين كل إنسان والله والقديسين هو أجمل وجه للبنان الحضاري والديني، وهذا مصدر السلام والإيمان والتقوى، وهو أيضًا مصدر اقتصادي للبنان».

دور وزارة السياحة

بدورها، قالت الخازن: «دروب لبنان ليست مجرد مسارات للسير على الأقدام، بل هي رحلة تأمّل روحي، وفرصة حقيقية لاستعادة السلام الداخلي الذي نفتقده في زحمة حياتنا اليومية». وأكملت: «حين نسير هذه الدروب، نستذكر الماضي لكي نبني مستقبلنا على صخرة صلبة، عبر إعادة اكتشاف هويتنا اللبنانية الأصيلة. نعيد نسج العلاقة التي تجمع الإنسان بالأرض، ونعطي فرصة حقيقية لأهل القرى والبلدات المنتشرة على امتداد هذه الدروب، كي يستفيدوا اقتصاديًّا من السياحة الملتزمة والمستدامة التي نحلم بها، والتي تنعش بيوتهم وتوفر لهم سبل العيش الكريم».

ولادة الفكرة

اختتمت الجلسة الافتتاحية بفقرة التعريف بالمشروع وتصنيف الدروب في لبنان مع نور فرّا حداد المكلّفة بإدارة المشروع. وفي حديثٍ إلى «آسي مينا»، قالت حداد: «اتّخذنا فكرة المشروع من درب القديس يعقوب الذي يُعَدُّ نموذجًا عالميًّا لرحلات الحجّ الروحية والسياحة الدينية». وأكّدت مبادئ المبادرة الجوهرية، التي تشمل روح الاستكشاف والتعمُّق في هوية لبنان الدينية.

ويُقدِّم المشروع «جواز سفر خاصًّا» بُغية تشجيع الحجاج والمُتَنَزِّهين على جمع الأختام في خلال جولاتهم في أرجاء لبنان. وتتجلّى أهمية هذا النهج بوضوح في سياق التراث الديني اللبناني الثري. إذ أشارت حدّاد إلى وجود أكثر من 6000 موقعٍ ديني، تتوزع بشكلٍ متوازنٍ بين المعالم المسيحية والإسلامية.

جلسات المؤتمر

تضمّن المؤتمر أربع جلسات، حملت الجلسة الأولى عنوان مسارات الدروب الجبليّة الدينيّة وتشمل 8 دروب هي:  درب السما ودرب مار شربل، ودروب درعون، ودرب مريم (بشوات-دير الأحمر)، ودرب الدوار (كفرحونة)، ودرب الرجاء لشبيبة ريّا (مزيارة)، ودروب جربتا وكفيفان، ودروب قاديشا، ودروب وادي الصليب (كفرديبان). أمّا الجلسة الثانية فكانت بعنوان مسارات دروب الصليب موزعة على 3 دروب هي: درب الصليب (ترتج)، ودرب الصليب (قرطبا)، ودرب الصليب سمار جبيل (البترون).

وحملت الجلسة الثالثة عنوان المسارات بحسب المواضيع وتضمنت: دروب على خطى المسيح (جنوب لبنان)، ودرب التجلّي (جبل حرمون)، ودرب البشارة (أبرشية أنطلياس).

أمّا الجلسة الرابعة فتناولت المسارات الثقافيّة الدينيّة وفيها: دروب زحلة الدينيّة، ودروب غوسطا الدينيّة، ودروب بشعله الدينيّة.