كيف نعيش صومًا صحيحًا؟

الصوم دعوةٌ إلى التوبة وعيش حياة حقيقيّة الصوم دعوةٌ إلى التوبة وعيش حياة حقيقيّة | مصدر الصورة: Mehes Daniel/Shutterstock

ما عاد يخفى على المؤمنين أنّ الصوم ليس امتناعًا عن الطعام والشراب فحسب، بل عن كلّ ما يعوق توجّه الإنسان إلى الله بقلبٍ منسحق، ممزِّقًا قلبه لا ثيابه (يؤ 2: 13). إنّه زمنٌ حقيقيّ للتغيير والتجدّد الروحيّ، وكلّ مسيحيّ مدعوٌّ في خلاله إلى مراجعة قلبه.

في خلال رتبة تبريك الرماد في بداية الصوم، يقول الكاهن وهو يمسح جبين الصائم بالرماد: «اذكر يا إنسان أنّك من التّراب وإلى التّراب تعود». حين نتأمّل هذه الكلمات، نجدها علامةً للتوبة ودعوةً للرجوع إلى الذات والتفكير الجدّيّ في معنى الحياة الحقيقيّة، وفق ما شرح الأب نويران ناصر الدومنيكيّ في حديثه لـ«آسي مينا».

الأب نويران ناصر. مصدر الصورة: الأب نويران ناصر
الأب نويران ناصر. مصدر الصورة: الأب نويران ناصر

وبيَّنَ ناصر أنّ الصوم يساعدنا على الدخول في عمق الحياة لنحاول أن ندرك هشاشة حضورنا الدنيويّ، وأنّنا بحلول لحظة موتنا، سنترك هذه الأرض وراءنا، ومعها كلّ ممتلكاتنا المادّية. ولن يرافقنا من حياتنا الأرضيّة، إلى الأبديّة، سوى الإحسان والمحبّة والرحمة التي منحناها وقبلناها وشاركناها مع الآخرين من كلّ قلوبنا.

وأشار إلى أنّ عيشنا هذا الزمن المقدَّس على النحو الأمثل، بتجديد قلوبنا وغسلها بالتوبة الدائمة واختبار المعنى الروحيّ الحقيقيّ لهذه الفترة الاستعداديّة، يؤهّلنا لفهم عطيّة الله ومحبّته المتجلّية في المسيح يسوع وذبيحة الصليب المتمِّمة لتدبيره الخلاصيّ، متطلّعين إلى فرح القيامة.

«لنتذكّر دائمًا ونحن نسعى إلى التجدّد الروحيّ، أنّ الإيمان المسيحيّ ليس مجرّد سعيٍ إلى الكمال عَبْر بذل جهود شخصيّة لعيش الزهد والتقشّف وسائر الفضائل المسيحيّة، بل هو أوّلًا السكنى في محبّة الله ومبادلة المحبّة بالمحبّة. فالفضائل كلّها طرقٌ تقودنا إلى هذه المحبّة، ونحن مدعوّون لنعيشها بمِلْئها، لأنها انعكاس لما سنعيشه في الأبديّة»، بحسب ناصر.

وتساءل: «هل جَعَلْنا صومنا هذا العام مميَّزًا ومختلفًا؟ هل نستغلّ هذا الزمن المقدّس في إنماء الفضائل التي تعوزنا؟ هل عشناه بوصفه فترة توبة وتجديد روحيّ؟ هل هيّأنا قلوبًا متجدِّدة لتكون أهلًا لاستقبال فرح القيامة، فيتمّ فرحنا ويكمل فرح المسيح فينا؟».

وختم ناصر قائلًا: «الصوم زمن نعمة يساعدنا على النموّ في الفضائل والاقتراب أكثر من الله. إنّه فرصة للتغيّر والتجدّد الروحيّ. فلنستغلّ هذه الفترة بصدق، وَلْنسعَ إلى تجديد قلوبنا كي نصل إلى القيامة بفرح روحيّ عميق».

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته