بقوّة الصلاة سامحت من حرمَها رؤية ابنتَيها… قصّة كفاح أمٍّ لبنانيّة

أجمل ما يمكن حصده بقوّة الصلاة هو مسامحة الآخَر والمصالحة مع الذات أجمل ما يمكن حصده بقوّة الصلاة هو مسامحة الآخَر والمصالحة مع الذات | مصدر الصورة: Stock Holm/Shutterstock

ديزيره جبيلي أمّ لابنتَين وموظّفة في الدفاع المدنيّ اللبنانيّ، تطلّ اليوم عبر «آسي مينا» لتُشاركنا اختبارها النورانيّ؛ هي من سارت في درب جلجثتها سنوات طويلة وعرفت شتّى أنواع الآلام، لكنّها في النهاية استحقّت بفضل صبرها ونعمة المسيح أن تفهم مشيئته في حياتها وتبلغ فرح القيامة.

تقول جبيلي: «منذ طفولتي أحبّ يسوع محبّة فائقة وأملك روح المحبّة والخدمة. كنتُ أرغب في أن أصبح راهبة، إنّما تأثّرتُ بقول الآخرين إنّي لا أصلح لهذه الدعوة بسبب شخصيّتي المرحة وميلي المستمرّ للضحك. وقد تخصّصتُ في العلوم التجاريّة، وهي مجال مختلف عمّا كنتُ أحلم به».

ديزيره جبيلي. مصدر الصورة: ديزيره جبيلي
ديزيره جبيلي. مصدر الصورة: ديزيره جبيلي

وتُضيف: «في الثامنة عشرة من عمري، وبينما كنتُ أعمل وأتابع دراستي، التقيتُ شخصًا عند أقاربي مصادفة، فأعجِب بي، وبعد شهر على معرفته، تزوّجته وخِلْتُ أنّ حياة جميلة تنتظرني معه، لكنّه حوّلني من شخص يحبّ الحياة إلى امرأة تعيسة تُفكّر في الانتحار».

وتكشِف: «حَضَّني أبي على عدم الارتباط بهذا الرجل، لكنّ قراري المتسرّع قادني إلى درب جلجثتي، إذ عرفتُ منذ اليوم الأوّل من زواجي أحقر أنواع العذاب على يد زوجي، فهو لم يحترمني قطّ، وكان يُعنّفني، وحين كنتُ أصلّي وأحاول محاورته علّه يتبدّل، كان يزداد شرًّا، قائلًا لي: "سأجعلكِ سانت ريتا"».

وتزيد جبيلي: «إضافة إلى كلّ تلك الآلام، كانت أمّه تحرّضه عليّ وتحضّه على طردي، فبلغت الأمور بيني وبينه حائطًا مسدودًا؛ وفي إحدى الليالي، ضربني وطردني من المنزل، وحرمني ابنتيّ اللتين رزقتُهما منه».

وتؤكّد: «تدهورت صحّتي، وظنّ الأطبّاء أنّني مصابة بالسرطان، فوصفوا لي علاجًا لا يناسب حالتي، وبلغتُ حدود الموت. وفي إحدى الليالي، نظرتُ صوب صورة الرحمة الإلهيّة في غرفتي، وسألتُ إلهي أن يرحمني ويجعلني أفهم مشيئته ويغفر لي لأنّني حاولت الانتحار لأجل من لا يستحقّ».

وتردِف: «لمّا رآني الطبيب، اعتقدَ أنّ ما أنا عليه هو نتيجة محاولة الانتحار، ليكتشف أنّ ما أنا عليه سببه العلاج الخاطئ، فاستبدل الأدوية التي كنت أتناولها وبدأتُ أتحسّن في شكل طفيف».

وتُخبِر جبيلي: «دخلتُ إلى معهد للدراسات اللاهوتيّة، وهناك التقيتُ الأب داود كوكباني الذي أصبح مرشدي، فتعلّمتُ كيف أتعمّق بالإنجيل وأقرأ أحداث حياتي في ضوء كلمة الله. لقد حرِمتُ رؤية ابنتيّ طيلة 15 عامًا كنتُ فيها أشتاق إلى سماع كلمة "ماما". لكن بفضل جماعة كانت تهتمّ بالأيتام والمشرّدين، سمحت لي العناية الإلهيّة بالاهتمام بعدد منهم، وكانوا جميعهم ينادونني "ماما". وبعدها، مرّت السنوات، وعادت ابنتاي إلى أحضاني، فشكرتُ ربّي وحضرتُ زفافهما».

وتواصل حديثها: «تمكّنتُ بنعمة ربّي من مسامحة الشخص الذي دمّر حياتي. وحين رجعت ابنتاي إليّ، سمحتُ لأبيهما بزيارتنا. وفي بيت الجبل خصّصنا له غرفة، واعتنيتُ به مثل الآخرين حتّى ساعة موته».

وتختِم: «الظلم بشع، لكنّ الحقد أكثر بشاعة. وأجمل ما يمكن حصده بقوّة الصلاة هو مسامحة الآخَر والمصالحة مع الذات. فالناس كلّهم يخطئون، والله يغفر لنا؛ هو من أحبّنا حتّى الصلب».

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته