ماذا يُعلّمنا الكتاب المقدّس عن الصّوم؟

الكتاب المقدّس… زوّادة الصائم المُثلى الكتاب المقدّس… زوّادة الصائم المُثلى | مصدر الصورة: Freedom Studio/Shutterstock

يُرافق الكتاب المقدّس حياة المؤمن، فيجد فيه زوّادةً لكلّ يومٍ ومناسبة، لا سيّما في زمن الصوم، ليعلّمنا أنّ الصوم ليس إلّا وسيلةً توصلنا إلى الله، هدف المؤمن المنشود، فهو «خُبزُ الحَياة» (يو 6: 48)، وكلمته غذاء المؤمن لأنّه «مكتوبٌ: ليسَ بِالخُبزِ وَحدَه يَحْيا الإِنْسان بل بِكُلِّ كَلِمَةٍ تَخرُجُ مِن فَمِ الله» (مت 4: 4).

يشرح المطران حبيب هرمز، راعي أبرشيّة البصرة والجنوب الكلدانيّة، عَبْر «آسي مينا» أنّ الكتاب المقدّس يعلّمنا أنّ الصوم هو فترة رجوعٍ إلى الذات وتأمّلٍ في تجارب الحياة وتحويلها إلى خبرات تُجدّد روحانيّتنا وتقوّي إرادتنا.

المطران حبيب هرمز. مصدر الصورة: إسماعيل عدنان/آسي مينا
المطران حبيب هرمز. مصدر الصورة: إسماعيل عدنان/آسي مينا

ويقول: «الصوم ليس جوعًا جسديًّا، بل تطهيرٌ للذات وعلامة تواضع ورجاء وحبّ، وزمن انتظارٍ لأمرٍ إلهيّ يترجّاه الإنسان واستعدادٍ لنَيل النعمة، فموسى صام أربعين يومًا قبل تسلّمه لوحَي الوصايا، كما ينبئنا الكتاب المقدّس، ومثله إيليا، ومثلهما صام يسوع قبيل بدء بشارته».

ويُبيّن هرمز أنّ تعليم الكتاب المقدّس يدعونا لنقرن طلباتنا الموجّهة إلى الربّ بالصّوم: «فجَعَلتُ وَجْهي إِلى السَّيِّدِ الإلٰه، لِٱلتِماسِ وَجهِه في الصَّلاةِ والتَّضَرُّعاتِ بِالصَّومِ والمِسْحِ والرَّماد» (دا 9: 3)، مؤكِّدًا استجابته: «فصُمْنا وطَلَبَنا مِن إِلٰهِنا لأَجلِ ذٰلك فٱستَجابَنا» (عز 8: 23).

«يحيلنا زمن الصّوم عادةً إلى التأمّل في صوم يسوع في البرّيّة ومواجهته تجارب الشرّير الثلاث، المتمحورة حول أخطر ما يواجهه الإنسان في حياته: الشهوة والكبرياء والسلطة، لنجد ربّنا يرسم خارطة طريقٍ للمؤمن عَبرَ اختبار القناعة والتواضع والخدمة»، بحسب هرمز.

ويوضح: «يمكن أن نعود إلى كلمات إشعياء النبيّ لنفهم الصّوم الذي اختاره الله: "حَلُّ قُيودِ الشَّرِّ وفَكُّ رُبُطِ النِّير، وإِطْلاقُ المَسْحوقينَ أَحْرارًا، وتَحْطيمُ كُلِّ نير؟ أَليسَ هو أَن تَكسِرَ للجائِعِ خُبزَكَ، وأَن تُدخِلَ البائسينَ المَطْرودينَ بَيتَكَ، وإِذا رَأَيتَ العُرْيانَ أَن تَكسُوَه، وأَن لا تَتَوارى عن لَحمِكَ؟"» (إش 58: 6-7).

ويُنبّه هرمز إلى ضرورة استغلال زمن الصوم «فالربّ اشترطه لإخراج الشيطان من الإنسان حين قال: "إِنَّ هٰذا الجِنسَ لا يُمكِنُ إِخْراجُه إِلاَّ بِالصَّلاة" (مر 9: 29). فلنستَعِن به للرجوع إلى الله بالتوبة والصلاة والصدقة وطلب رحمته ومرضاته، لا مرضاة الناس، كما يعلّمنا الربّ يسوع الذي دعانا إلى أن لا نعبّس وجوهنا كالمُرائين ليرانا الناس». ووجَّه كلّ مؤمنٍ صائم، قائلًا: «فإِذا صُمتَ، فٱدهُنْ رأسَكَ وٱغسِلْ وَجهَكَ، لِكَيْلا يَظْهَرَ لِلنَّاسِ أَنَّكَ صائم، بل لأَبيكَ الَّذي في الخُفْيَة، وأَبوكَ الَّذي يَرى في الخُفْيَةِ يُجازيك» (مت 6: 17-18).

ويختم هرمز: «يدعونا زمن الصوم إلى الاعتراف بعطايا الله ونعمه المجّانيّة في حياتنا، وتقاسمها مع المحتاجين، مُدركين أنّ "أَلَيْسَتِ الحَياةُ أَعْظَمَ مِنَ الطَّعام، والجَسَدُ أَعظَمَ مِنَ اللِّباس؟" (مت 6: 25)، ومُنتهزين فرصة الصوم لعيش التحرّر من عبوديّة المادّة والجسد والسعي للنضوج إنسانيًّا عبر التأمّل في الكتاب المقدّس واكتشاف المعاني الأعمق لحياتنا، منتظرين تجلّي الربّ في قلوبنا».

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته