الصوم تنقيةٌ للنفس من الخطيئة والتكبّر والأنانية وسواها من الرذائل، وفق ما يُبيّن ثابت. ويقول: «إنّه زمن الاعتراف بنعمة الله الموهوبة لنا، والاستعداد لمقابلتها بعرفانٍ ينجلي في حياتنا وطريقة عيشها، مظهرين هويّتنا الحقيقيّة بصفتنا أبناءً لله، وهذا يحتاج إلى مجهود الصوم الجسديّ والانقطاع عن الطعام وغيره حتّى تتقوّى إراداتُنا لِتُطابِقَ إرادة الله».
ويضيف: «بالصوم نعيش بواكير حياة الملكوت الأبديّ، بجزئيّتها المترفِّعة عن الطعام والشراب والحاجات الجسديّة والنفسيّة. إنّها حياة روحيّة كاملة بانفتاحها نحو الله ومع الله وفي الله، في سموٍّ عن حاجات الحياة الأرضيّة الوقتيّة، فنستعين بالصوم ليساعدنا على تذوّق حلاوة الحياة الأبديّة، اليوم وهنا، فنجتهد لبلوغها محافظين على النعمة التي توصلنا إليها».
مساومات روحيّة
تغرق وسائل التواصل بمنشوراتٍ أقرب إلى مساوماتٍ روحيّة فارغة، تدغدغ مشاعر كثيرين، لا لعمقها ولكن لأنّها تبرِّر التهرّب من الصوم بحجّة أنّ الصوم الحقيقيّ ليس انقطاعًا عن أكل اللحم بل عن أكل لحم الآخرين، فنقع على عبارات مثل «كونوا صالحين وكلوا ما تشاؤون»، وما شابه ذلك من أقوالٍ ينسبونها إلى البابا دون مصدرٍ أو صدقيّة. وعنها يقول ثابت: «حقًّا، الصوم يساعدنا على أن نكون صالحين، إن مارسناه فعليًّا ولم نبحث عن تبريراتٍ لتجاوزه».
الصلاح أسلوب حياة المؤمن
لسنا مدعوّين لنكون مُحبّين خيّرين وصالحين في أيّامٍ بعينها، بل على مدار العام. فزمن الصَّوم هو للصّوم، ولم يُسمِّه أحدٌ الوقت الذي تكون فيه صالحًا أو تتمنّى أن تكون كذلك. فالراغب في التمتّع بصحّة جيّدة لا يتّبع نظامًا غذائيًّا صحّيًّا لأيامٍ قليلة في السنة، ولا يمارس الرياضة لسويعاتٍ في خلالها، فنظام الحياة الجسديّة الصحّي هو أسلوب حياة.