مؤتمر بودابست لدعم مسيحيّي لبنان… خطوة نحو الفيدراليّة؟

هل تكون الفيدراليّة السبيل لحماية مسيحيّي لبنان وضمان بقائهم؟ هل تكون الفيدراليّة السبيل لحماية مسيحيّي لبنان وضمان بقائهم؟ | مصدر الصورة: BUTENKOV ALEKSEI/Shutterstock

اجتمع القادة والنخب المسيحيّة اللبنانيّة الأسبوع الماضي في المؤتمر الدولي التأسيسي لصندوق دعم مسيحيي لبنان في العاصمة المجريّة بودابست، حيث طرحوا مطالب الجماعات المسيحيّة في بلاد الأرز. وكانت الفيدراليّة من بين القضايا التي نالت حيّزًا أساسيًّا في النقاش.

ركّزت المناقشات على سُبل دعم المجتمع المسيحي عبر مشاريع عمليّة، في إطار مبادرة دوليّة تهدف إلى تأمين دعم مالي يصل إلى نحو 200 مليون دولار أميركي.

وشارك في المؤتمر إياد جورج بستاني، الكاتب والخبير المالي والمدافع عن الفيدراليّة في لبنان، حيث وجّه انتقادات للنظام الدستوري الحالي، معتبرًا أنّه غير ملائم للنسيج الاجتماعي في البلاد. ودعا الأحزاب اللبنانيّة إلى تبنّي مشروع سياسي واضح.

وفي حديث إلى «آسي مينا»، رأى بستاني أنّ الفيدراليّة هي السبيل لحماية مسيحيي لبنان وضمان بقائهم. وأكّد أنّ بعد 20 إلى 30 سنة، قد لا يكون هناك وجود مسيحي فاعل في لبنان. وأردف: «إذا كانت البطريركية المارونية والأحزاب المسيحيّة حريصة فعلًا على بقاء المسيحيين، فعليها الاجتماع في بكركي للاتّفاق على عقد اجتماعي جديد للبنان، وطلب مساعدة الغرب في التفاوض عليه».

وأشار إلى أنّ المؤتمر يشكّل خطوة أولى مهمّة، مضيفًا: «الفائدة الأبرز منه تكمن في كشف الفراغ الفكري لدى النخبة السياسيّة، وازدرائها مصير الناس وتجاهلها معاناتهم».

وأكّد بستاني أنّ دعم الحكومة الهنغاريّة كان مفاجئًا، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الدعم الأميركي وموقف رئيسة الوزراء الإيطاليّة جورجيا ميلوني. وشدّد على أنّ المشكلة التي يواجهها المجتمع المسيحي لا تُحلّ بمجرّد ضخّ الأموال؛ فالمسيحيون في حاجة إلى مشروع سياسي واضح، فيما تأتي الأموال لدعم هذا المشروع والحزب الذي يتبنّاه. واعتبر أنّ المساعدات الماليّة أشبه بقطرة ماء في محيط، إذ لا يمكن أن ينقذ أيُّ مبلغ حضارة تحتضر بإرادتها.

وأعرب بستاني عن استيائه من غياب الدعم اللازم من الأحزاب المسيحيّة وبكركي، مشيرًا إلى أنّ النخب المحلّية، بمختلف طوائفها بدءًا بالمسيحيين أنفسهم، تستفيد من النظام الدستوري القائم، حتّى لو كان هذا النظام يقودهم إلى الخروج من التاريخ في غضون عقد أو اثنَين.

الراعي يزور كاتدرائيّة القدّيس إسطفان في المجر على هامش مشاركته في مؤتمر «مستقبل لبنان من حيث المنظور المسيحيّ». مصدر الصورة: البطريركيّة المارونيّة
الراعي يزور كاتدرائيّة القدّيس إسطفان في المجر على هامش مشاركته في مؤتمر «مستقبل لبنان من حيث المنظور المسيحيّ». مصدر الصورة: البطريركيّة المارونيّة

أصوات مسيحيّة لبنانيّة أخرى

لم يكن بستاني الصوت الفيدرالي الوحيد في المؤتمر. فقد شارك أيضًا ألفريد رياشي، الأمين العام للمؤتمر الفيدرالي المستمر. وتناول مشكلة النظام السياسي وطرح الفيدراليّة بصفتها حلًّا. وتطرّق إلى قضية اللاجئين السوريين والفلسطينيين، إضافةً إلى ملف سلاح حزب الله.

أما أمين إسكندر، ممثّل حزب الاتحاد السرياني العالمي، فسلّط الضوء على الاختلال الديمغرافي بين المسيحيين والمسلمين، معتبرًا أنّ تصحيح هذا الخلل بات مستحيلًا. وشدّد على ضرورة تجنّب الانجرار إلى «حرب الأرقام»، والانتقال بدلًا من ذلك إلى الفيدراليّة الجغرافيّة-الثقافيّة باعتبارها حلًّا مستدامًا.

يُذكر أنّ المؤتمر شهد حضورًا دوليًّا بارزًا، بمشاركة ممثلين رسميين من دول أوروبيّة إلى جانب حضور فاعل للولايات المتّحدة الأميركية. ومن لبنان، شارك البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي، إضافةً إلى ممثلين عن الأحزاب المسيحية: الكتائب اللبنانية، والقوات اللبنانية، والتيار الوطني الحر. وشارك ممثلون عن الاتّحاد السرياني العالمي، فضلًا عن شخصيّات سياسيّة واقتصاديّة وأعضاء من مجلس النواب اللبناني.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته