ويقول طانيوس: «في العام 685، أصبح كرسيّ أنطاكية شاغرًا، وفي تلك الحقبة، كان الإمبراطور الروماني يتدخَّل في انتخاب البطاركة. لكن وقتذاك رفض الموارنة أن يتولّى بطريرك القسطنطينيّة رئاسة كنيسة أنطاكية، واعتبروا أنّ انتخاب البطريرك هو من حقّهم، لهذا اجتمعوا وانتخبوا يوحنّا مارون بطريركًا على الكنيسة المارونيّة».
ويزيد: «أمّا روحانيّة هذا القدّيس، فتمحورت أوّلًا حول دفاعه عن عقيدة الإيمان الكاثوليكيّ الصحيح، وهي أنّ المسيح ذو طبيعتين إلهيّة وبشريّة، وأيضًا ذو مشيئتين إلهيّة وإنسانيّة. وتميّز هذا القدّيس أيضًا بشخصيّته القويّة والقياديّة، فتمكّن من قيادة شعبه، وتجمَّعَ حوله الناس من الأديان كلّها. وقد اشتهر بغيرته الرسوليّة على أبنائه، إذ كان في خلال أزمة الطاعون يتفقّد المؤمنين ويزور المرضى والمتألّمين».
ويُخبِر طانيوس: «في يوم العيد، في 2 مارس/آذار، سنحتفل بالقدّاس عند الساعة الحادية عشرة صباحًا في دير يوحنّا مارون أيضًا، والدعوة موجّهة إلى جميع المؤمنين. هذا الدير عريق وقديم، ويحمل الطابع الروحيّ والاجتماعيّ والإنسانيّ والثقافيّ، ويقصده الحُجّاج والزوّار باستمرار بهدف الصلاة ونيل البركات، وهذا الأمر يؤكّد التعلّق بالجذور الإيمانيّة المارونيّة».
ويتابع: «فلنتذكّر كيف كان الموارنة، في تاريخ كنيستنا، يجتمعون حول البطريرك، لأنّه الأب والرئيس. والبطريرك يوحنّا مارون هو من أطلق الكنيسة المارونيّة وبدأ بتنظيمها. ونحن نتابع المسيرة مع هذا الإرث الروحيّ من خلال أمرين، أوّلهما البعد العموديّ، وهو الكنيسة النسكيّة التي عرَفَها جميع الموارنة وليس النسّاك فحسب، وتجلّى ذلك بعيش الصلاة والصوم والتجرّد».
ويُضيف طانيوس: «أمّا ثانيهما فهو البعد الأفقيّ، وهو يُجسّد البعد الرسوليّ في أبعاده الاجتماعيّة والإنسانيّة كلّها؛ فالموارنة عُرِفوا عبر تاريخهم بأنّهم متأثّرون بآبائهم وأجدادهم وبالبطاركة الذين تعاقبوا على الكنيسة عبر العصور، وكان همّهم القرب من الإنسان والارتقاء به، وحضّه على التمسّك بكرامته، وعيش إيمانه بحرّية وقناعة وثبات».
ويقول: «ستظلّ كنيستنا التي سطع فيها مجد القدّيسين، حيّةً فينا وفي الأجيال التي ستأتي بعدنا. وفي هذه المناسبة المباركة، يجب على الموارنة أن يكونوا ملتفّين حول البطريرك الذي هو رمز وحدة كنيستنا، والأب الروحيّ لنا».