تجميد المساعدات الأميركيّة... ضربة قاسية لمسيحيّي الشرق الأوسط

تعتمد المجتمعات المسيحيّة في الشرق الأوسط بشكل كبير على مساعدات المنظّمات غير الحكوميّة تعتمد المجتمعات المسيحيّة في الشرق الأوسط بشكل كبير على مساعدات المنظّمات غير الحكوميّة | مصدر الصورة: DCStockPhotography/Shutterstock

جمّدت وزارة الخارجية الأميركية التمويل الجديد لمعظم برامج المساعدات حول العالم، مع استثناءات تسمح باستمرار برامج المساعدات الغذائية الإنسانية والدعم العسكري لإسرائيل ومصر.

لهذا التحوّل في السياسة تداعيات واسعة النطاق على المنظمات في مختلف أنحاء العالم، لا سيما في المناطق الهشة مثل الشرق الأوسط، وعلى المسيحيين الذين يعتمدون بشكل كبير على الشراكات الدولية.

ضربة قاسية للفئات الأكثر هشاشةً

تُسهِم الولايات المتحدة الأميركية بنحو 40% من المساعدات الإنسانية العالمية. وهي من أكبر المانحين في مشاريع التنمية والمساعدات الإنسانية في الشرق الأوسط. وعلى الرغم من أنّ الأموال المخصصة حصرًا للمسيحيين محدودة نسبيًّا، استفاد هؤلاء بطريقة مباشر من مبادرات المساعدات التي شملت تمويل المدارس والعيادات الطبّية ومشاريع التنمية الزراعية والخدمات الاجتماعية.

تعتمد المجتمعات المسيحية في الشرق الأوسط بشكل كبير على المستشفيات والمدارس والمراكز المجتمعية التي تديرها المنظمات غير الحكومية. وفي المناطق التي عانت النزاعات مثل شمال العراق وسوريا، قدّمت المنظمات المسيحية مساعدات طارئة وإعادة إعمار طويلة الأمد، خصوصًا للنازحين بسبب الحرب أو الاضطهاد.

على سبيل المثال، تعمل منظمة خدمات الإغاثة الكاثوليكية على تعزيز التعاون والتعايش بين الأديان ودعم المنظمات المحلّية والدينية في لبنان، إلى جانب مشاريع تنموية تساعد المهاجرين والأطفال في مصر والأردن والعراق وغيرها. وتعتمد هذه المنظمة بصورة رئيسة على التمويل الأميركي، ما يجعل مهمتها مهددة في ظل تجميد المنح.

يحمل القرار تداعيات واسعة النطاق على المنظّمات الإغاثيّة خصوصًا في الشرق الأوسط. مصدر الصورة: الوكالة الأميركيّة للتنمية الدوليّة-لبنان
يحمل القرار تداعيات واسعة النطاق على المنظّمات الإغاثيّة خصوصًا في الشرق الأوسط. مصدر الصورة: الوكالة الأميركيّة للتنمية الدوليّة-لبنان

كما تدير منظمة كاريتاس مجموعة واسعة من الخدمات الاجتماعية، بما في ذلك المساعدات الطبية والبرامج التعليمية والإغاثة الطارئة. وعلى الرغم من أنّ كاريتاس تتلقى دعمًا من وكالات كاثوليكية في أوروبا، استفادت أيضًا من منح حكومية أميركية مخصّصة للرعاية الصحّية ومساعدة اللاجئين والتنمية المجتمعية. إضافةً إلى ذلك، تعتمد جامعات مثل جامعة سيدة اللويزة في لبنان والجامعة الكاثوليكية في أربيل على الدعم الأميركي، وقد يولّد القرار الجديد تحديات كبيرة أمام استمرار عملها.

وفي هذا السياق، دعا رئيس الجمعيات الخيرية الكاثوليكية في الولايات المتحدة الإدارة الأميركية إلى إعادة النظر في قرار تجميد التمويل الفيدرالي للوزارات التنفيذية.

هل القرار نهائيّ؟

أمرت إدارة ترامب بوقف موقت مدته ثلاثة أشهر لمعظم المساعدات التنموية الخارجية، في انتظار مراجعة تهدف إلى تحديد ما يتماشى مع سياسة «أميركا أوّلًا». وحذّرت منظمات الإغاثة وجماعات حقوق الإنسان من أنّ هذا التجميد قد يعرّض حياة عدد لا يُحصى من الأشخاص حول العالم للخطر.

ولا يزال مصير المساعدات بعد الأشهر الثلاثة غير واضح، لكنّ كثيرين من مؤيدي ترامب أشادوا بالقرار، معتبرين أنّه يضع المصالح الأميركية في المقدّمة. ومع ذلك، فإنّ ميزانية الوكالة الأميركية للتنمية الدولية لا تتجاوز 1% من إجمالي الموازنة الفيدرالية، وهي ليست مهمّة للمستفيدين فحسب، بل تحقِّق فوائد استراتيجية للولايات المتحدة نفسها. إذ تسهم المساعدات الخارجية في منع الإرهاب الذي يهدّد المصالح الأميركية، وبناء التحالفات، وتعزيز القيادة العالمية للولايات المتحدة، وتقليل الحاجة إلى التدخلات العسكرية.

فضلًا عن ذلك، تُسهِم المساعدات في استحداث أسواق للصادرات الأميركية. ويمكن أن تحدّ المساعدات الخارجية الهجرة غير النظامية. كما تؤدي المساعدات الأميركية دورًا مهمًّا في مكافحة الأوبئة ومنع انتشارها.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته