غزة, الاثنين 20 يناير، 2025
470 يومًا من العنف والركام في غزة. 470 يومًا من حرب أنهاها اتّفاق دخل حيّز التنفيذ أمس. 470 يومًا من صمود مسيحيّي القطاع على قلّتهم وضيق مطارحهم بعدما نالوا نصيبهم من بشاعة المعارك ودفعوا ثمنًا باهظًا.
470 يومًا لم تقفل في خلالها كنيستا غزّة الكاثوليكيّة والأرثوذكسيّة أبوابهما لحظةً واحدة. كانت كنيسة العائلة المقدّسة للاتين ملجأً لمن تبقّى من مسيحيّي القطاع؛ ومثلها كنيسة القدّيس برفيريوس وإن بزخم أقلّ بعدما غدت ضحيّة الاستهداف الأعنف لمسيحيّي القطاع. 470 يومًا لم تتوقّف في خلالها القداديس والصلوات حتّى على ضوء القناديل والشموع، ولم ينقطع عن أبناء الرجاء القربان المقدّس بعدما صنعوه بأنفسهم.
اليوم يتنفّس مسيحيّو غزة. يخرجون إلى باحات كنيسة العائلة المقدّسة بلا خوفٍ من قصف أو رصاص أو شظيّة. يواصلون الترنيم لكن هذه المرّة بلا دويّ القصف على مقربةٍ منهم. تعود إليهم بدهيّات العيش من غذاء وماء وكهرباء بعدما فقدوا جلّها لولا تدخّل البطريركيّة اللاتينيّة-القدس ومؤسّسات كنسيّة محلّية ودوليّة لتوفير مقوّمات الصمود لبضع مئات منهم. قلّة صريحة قضى منها في الحرب عشراتٌ سواء باستهدافٍ مباشر أم بسبب فقدان الطبابة والعلاج.
أطول ممّا ظنّوا كان درب آلام مسيحيّي غزة هذه المرّة. تبعاتٌ جسديّة ونفسيّة واقتصاديّة لحربٍ اندلعت شرارتها في ذاك السابع من أكتوبر/تشرين الأول (2023)، وامتدّت أكثر من 15 شهرًا تخلّلها عيدا ميلاد وعيدُ قيامةٍ تحت القصف. وإن كانوا تحت وابل النار، لم يبقَ مسيحيّو غزة وحدهم أسرى الحزن والغمّ. عمّت مشاعر الأسى نفوس جميع مسيحيّي الأراضي المقدّسة طوال مدّة المعارك، فغابت عنهم مظاهر الاحتفال بعيد ميلاد يسوع المسيح في موطنه، وتراجعت حركة الحجّ المسيحيّ إلى أقدس المواقع في العالم.