بهاء رِيازة الكنائس المشرقيّة يُحفّز مسلمةً على دارستها أكاديميًّا

نماذج لريازة كنائس في العراق نماذج لريازة كنائس في العراق | مصدر الصورة: نور البياتي

مُندهشةً بغنى الرمزيّة الفائضة في تفاصيل نقوشها وزخارفها المُفعمة بدلالات قصص الكتب المقدّسة، ومنجذِبةً إلى أجواءٍ مهيبة وزاخرة بالجمال والروحانيّة تصنعها الألوان والإضاءة لتعزِّز تجربة المصلّين والزائرين، اختارت نور البياتي، طالبة الدراسات العليا في كلّيّة الفنون الجميلة بجامعة بغداد رِيازة الكنائس المشرقيّة موضوعًا لدراستها الأكاديميّة.

تروي البياتي عبر «آسي مينا» كيف ألهَمَتها زيارتها إحدى الكنائس المشرقيّة لتختار دراسة رِيازتها، «وبخاصّةٍ كيفيّة استعارة الرموز الدينيّة وتوظيفها بطرقٍ مبتكرة، سواء في التصاميم القديمة التي تعكس التاريخ العريق لهذه المباني أو تلك الحديثة التي تمزج بين التراث والحداثة في انسجامٍ فريد».

نور البياتي. مصدر الصورة: نور البياتي
نور البياتي. مصدر الصورة: نور البياتي

وتُردف: «رغِبْتُ أيضًا في دراسة تأثير العمارة في المشاعر الإنسانيّة، وكيف تعبّر المساحات الدينيّة عن الروحانيّة وتشكّل تجربةً تفاعليّة بين الإنسان والفضاء، إلى جانب تأثّري بجماليّات الكنائس المشرقيّة ورغبتي في إدراك مفاهيم تصميميّة مستلهمة من الرموز الدينيّة والموسيقيّة».

ترى البياتي أنّ الأعمدة الشاهقة تفرض حضورًا مهيبًا وتشكّل فضاءات تتّسم بالإجلال والسموّ الروحيّ ما يُشعر الزائر بالرهبة وبقدسيّة المكان، «فَلِلقبّة البارزة في أعلى البناء رمزيّتها الروحيّة العميقة بجذبها الأنظار إلى الأعالي وتجسيدها الارتقاء نحو السماء، فتعزّز الإحساس بالاتصال بالعالم الإلهيّ».

نماذج لريازة كنائس في العراق. مصدر الصورة: نور البياتي
نماذج لريازة كنائس في العراق. مصدر الصورة: نور البياتي

وتقول: «يُبهرني الزجاج المعشّق كعنصرٍ فنّيّ مميِّز للكنائس، حافلٍ برموز الكتاب المقدّس وشخصيّاته، فالضوء النافذ يَشِمُ الجدران برسومٍ وأشكالٍ متغيِّرة مع حركة الشمس، تاركًا طابعًا فريدًا للتجربة داخل الكنيسة».

وتعتقد البياتي أنّ الزخارف والنقوش الدقيقة تعكس تراثًا ثقافيًّا ودينيًّا خاصًّا بكلّ كنيسة، فهي ليست مجرّد أعمال فنّيّة، بل رموز تحمل معاني دينيّة عميقة مرتبطة بالإيمان والعقيدة، فضلًا عن الأيقونات والمنحوتات التي تمزج بين الدين والتاريخ والفن، وتقدّم تجربة تأمّلية رائعة للمؤمن والزائر، ضمن تصميمٍ داخليّ يعزّز الشعور بالهدوء والسكينة.

وتشرح: «كلّ هذه العناصر المعماريّة تجعل الكنيسة أكثر من مجرّد مكان للعبادة. إنها فضاء تأمّلي يحمل في طيّاته قيمًا دينيّة وثقافيّة عميقة، ويعكس تراثًا غنيًّا، ويقدّم تجربة إنسانيّة شاملة تمزج بين الروحانيّة والجماليّة».

نماذج لريازة كنائس في العراق. مصدر الصورة: نور البياتي
نماذج لريازة كنائس في العراق. مصدر الصورة: نور البياتي

وتُذكّر البياتي بانعكاس التأثيرات الثقافيّة والتاريخيّة المشتركة على الكنائس والجوامع وهندستها لتجسِّد تصاميمها المعماريّة مفاهيمَ روحيّة مشتركة، ولا سيّما في الجوامع التي كانت في الأصل كنائس. وتُضيف: «تحضر القباب كعنصرٍ معماريّ مشترك يمنح الإحساس بالسموّ الروحيّ على الرغم من اختلاف رمزيّته، وحضور الأعمدة والزخارف والزجاج الملوَّن يُضفي بُعدًا جماليًّا وروحانيًّا يؤكّد قدسيّة المكان ويترجم فكرةً مشتركة أساسها تعزيز التواصل الروحيّ مع الله وتنظيم العلاقة بين المؤمنين والخالق، وتوفير بيئة ملهمة للتعبّد والتأمل».

وتختم البياتي حديثها بتأكيد طموحها في أن يُسهم بحثها في فهم أعمق لرِيازة الكنائس المشرقيّة وتسليط الضوء على قيمتها الثقافيّة والفنّيّة والتاريخيّة، ودراسة إمكان إعادة توظيف معطياتها في تصاميم معاصرة تعكس الأصالة وتحتفي بالهويّة التراثيّة.

نماذج لريازة كنائس في العراق. مصدر الصورة: نور البياتي
نماذج لريازة كنائس في العراق. مصدر الصورة: نور البياتي

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته