ماذا تبقّى من مسيحيّي العراق؟… البطريركيّة الكلدانيّة تجيب

من أربعينيّة شهداء مجزرة كنيسة سيّدة النجاة في بغداد من أربعينيّة شهداء مجزرة كنيسة سيّدة النجاة في بغداد | مصدر الصورة: الموقع الرسمي لبطريركيّة السريان الكاثوليك

غابت أعداد المسيحيّين في العراق عن الإعلان في وسائل الإعلام ضمن النتائج الرسميّة الخاصّة بالتعداد السكانيّ العامّ في البلاد لسنة 2024، على الرغم من تضمّن الاستمارات الرسميّة الصادرة عن الجهاز المركزيّ للإحصاء التابع لوزارة التخطيط العراقيّة خانةً خاصّة بتحديد الديانة.

وفيما تتفّق جميع الجهات على تراجع أعداد مسيحيّي العراق في العقود الأخيرة لأسبابٍ باتت معروفة، ومع استمرار ترقّب إعلان نتائج رسميّة بشأن نسبتهم الفعليّة، بادرت البطريركيّة الكلدانيّة إلى تقديم معلومات مهمّة في هذا الشأن عبر موقعها الرسميّ.

وأشارت البطريركيّة في منشورها إلى أنّ نسبة المسيحيّين بلغت في السابق 4% من سكّان العراق، لافتةً إلى أنّ أعدادهم قاربت مليونًا ونصف مليون قبل احتدام موجات الهجرة التي تسبّبت في رحيل قرابة ثلثَيهم، ليتبقّى قرابة نصف مليون، حسب الفرضيّة التي قدَّمتها البطريركيّة. وأردفت أنّه إذا كان المسيحيّون يُشكّلون اليوم 1% من 45 مليونًا، هم سكّان العراق وفق التعداد الأخير، بالتالي فإنّ عدد المسيحيّين يُقارب اليوم 450 ألف نسمة.

من قدّاس في كنيسة الروح القدس الكلدانيّة في الموصل العراقيّة بمناسبة عيد العنصرة. مصدر الصورة: اسماعيل عدنان/آسي مينا
من قدّاس في كنيسة الروح القدس الكلدانيّة في الموصل العراقيّة بمناسبة عيد العنصرة. مصدر الصورة: اسماعيل عدنان/آسي مينا

معلومات أم إحصائيّاتٌ دقيقة؟

إذ أكّدت البطريركيّة في منشورها عدم وجود إحصاء رسمي دقيق لأعداد المسيحيّين في العراق منذ قرابة ثلاثين عامًا، نبّهت إلى اعتمادها معلوماتٍ كنسيّة بشأن إعلانها المتعلّق بأعداد المسيحيّين وتوزيعهم على مُدن العراق.

وجزَم منشور البطريركيّة أنّ العاصمة بغداد تحتضن العدد الأكبر من المسيحيّين الذين يُشكّل الكلدان 80% منهم، إذ فيها «14 جماعةً مسيحيّة (طائفة)، فضلًا عن كنائس إنجيليّة جديدة». وذكر المنشور أنّ كلدان بغداد كانوا في خلال السنوات الأخيرة من حُكم النظام السابق يشكّلون قرابة 750 ألفًا، بحسب دليل الكنيسة الكاثوليكيّة في العالم.

70 ألف مسيحيّ فقط في إقليم كُردستان

بحسب البطريركيّة، فإنّ أربيل عاصمة إقليم كُردستان العراق تضمّ قرابة 40 ألف مسيحيّ يتمركز معظمهم في قضاء عنكاوا الذي يشكّل أكبر تجمّعٍ مسيحيّ في الإقليم. تليها دهوك التي تضمّ قرابة 20 ألفًا يتوزّعون بين مركز المحافظة والقرى والبلدات التابعة لها، فضلًا عن 170 عائلة كلدانيّة وآشوريّة في عقرة وما جاورها. أمّا كركوك والسليمانية فتضمّان أيضًا قرابة 10 آلاف مسيحيّ.

من قدّاس في كنيسة الروح القدس الكلدانيّة في الموصل العراقيّة بمناسبة عيد العنصرة. مصدر الصورة: اسماعيل عدنان/آسي مينا
من قدّاس في كنيسة الروح القدس الكلدانيّة في الموصل العراقيّة بمناسبة عيد العنصرة. مصدر الصورة: اسماعيل عدنان/آسي مينا

وخلصت البطريركيّة إلى عدم تجاوز عدد المسيحيّين في إقليم كُردستان السبعين ألفًا، من السكّان الأصليّين والمهجّرين من الموصل وبلدات سهل نينوى.

وأجْمَلَ منشور البطريركيّة الأعداد في بغديدا-قره قوش التي عدّها أهمّ مركزٍ سريانيّ في العراق، وفي محيطها من قرى وبلدات سهل نينوى التي سمّاها «خطّ الحمدانيّة»، بقرابة 30 ألفًا، جلّهم من السريان، فضلًا عن الكلدان.

وفي ما يتعلّق بالخطّ المقابل من سهل نينوى، بدءًا بتلكيف وصولًا إلى ألقوش ثمّ الشيخان، قالت البطريركيّة إنّ عددهم يقارب 25 ألفًا، جميعهم كلدان. وبينما لم يتبقَّ في مدينة الموصل التي سَكَنها قرابة 50 ألف مسيحيّ قبل العام 2003، سوى قرابة 50 عائلة، تضمّ المحافظات الجنوبيّة (البصرة، والعمارة، والديوانيّة والناصرية) ما يقارب 350 عائلة مسيحيّة فقط.

وعزَت البطريركيّة الهجرة إلى معاناة المسيحيّين الخطف والقتل على أيدي «جماعة القاعدة»، ثمّ تهجيرهم قسرًا من الموصل وبلدات سهل نينوى بأيدي تنظيم «داعش»، فضلًا عن أسباب «حاليّة» فصّلتها بـ«سيطرة الفصائل المسلّحة على بلدات سهل نينوى وفرضها إتاوات على سكّانها... واحتكار فصيلٍ مُعيَّن مُقدّرات المسيحيّين وتمثيلهم في الدولة ومناصبها». ويُضاف إلى ذلك عدم انتظام صرف رواتب موظّفي إقليم كُردستان وأسباب أخرى جعلت المسيحيّين «يفقدون الأمل بالمستقبل... بسبب غياب البيئة الملائمة للعيش بأمان وحرّية وكرامة».

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته