مسيحيّو لبنان عند مفترق طُرق... كيف يحمي الرئيس المقبل حقوقهم؟

قصر رئاسة الجمهوريّة اللبنانيّة-بعبدا قصر رئاسة الجمهوريّة اللبنانيّة-بعبدا | مصدر الصورة: رئاسة الجمهورية اللبنانيّة

مع اقتراب موعد جلسة الانتخابات الرئاسية في لبنان في التاسع من يناير/كانون الثاني الجاري، تبرز مجدّدًا مخاوف من استمرار شغور الرئاسة الأولى وغياب رئيس الجمهورية الذي يُشكّل وجوده على رأس البلاد ضمانة لجميع اللبنانيين بلا استثناء.

هذه القضيّة تُثير قلق المسيحيين والموارنة الذين يشعرون بأنّهم يواجهون محاولاتٍ مستمرّة لإضعاف حضورهم في الساحة السياسيّة، على الرغم من التحذيرات المتكرّرة التي أطلقها في هذا الإطار البطريرك المارونيّ الكاردينال بشارة بطرس الراعي وقادة الكنائس الآخرون في البلاد.

يُعاني المسيحيون في لبنان منذ سنواتٍ تراجعًا في التمثيل في هرم الدولة، يتجلّى خصوصًا في غياب رئيس الجمهوريّة المارونيّ، وهو ما يعزّز لديهم الشعور بالعجز عن التأثير في القرارات المصيريّة، وبالتالي يتعاظم في نفوسهم القلق من محاولات استضعافهم وتهميش دورهم.

وقد خلّفت الحرب الأخيرة بين إسرائيل و«حزب الله» تداعيات كبيرة على الساحة اللبنانيّة، إذ إنّها زادت من حدّة التوتّرات الطائفيّة والسياسيّة التي تقضّ مضجع المسيحيين الخائفين من أن يكونوا ضحيّة لصراعات إقليميّة لا يبدو أنّ ثمّة نهايةً قريبة لها.

انطلاقًا من هذا الواقع الصعب والفائق الحساسيّة، يجب أن يكون رئيس الجمهوريّة المقبل قادرًا على التعامل مع هذه التحدّيات بحكمةٍ وفاعليّة، والعمل على تعزيز الاستقرار الداخلي.

وفيما يتحدّث عدد من المراقبين والمتابعين عن ضرورة إعادة النظر سريعًا في الصيغة الحاليّة للنظام السياسي القائم في لبنان ويرون أنّه غير قادر على تلبية الاحتياجات الوطنيّة والشعبيّة أو تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي، تُشدّد الأستاذة الجامعيّة والباحثة في الشأن اللبناني نينا الخوري على ضرورة مقاربة المسألة من منظور آخَر.

تقول الخوري لـ«آسي مينا»: «لا يُمكن تغيير النظام السياسي بين ليلة وضحاها، وذلك خلافًا لما يُنادي به بعضهم حاليًّا. المسألة باتت أعمق من ذلك بكثير نظرًا إلى الوضع الناجم من الحرب الأخيرة».

وتُضيف: «أوّلًا وقبل كلّ شيء، ثمّة حاجة إلى حوار وطني شامل يبحث بعمق في كلّ المسائل الوطنيّة، وهذا بالطبع يحتاج إلى وقت. وفي انتظار حصول ذلك، لا يُمكن أن تبقى البلاد من دون رئيس. نحن في حاجة إلى رئيس يكون قادرًا على بناء جسور التواصل بين المسيحيين والمسلمين، والعمل على تحقيق التوازن بين مختلف القوى السياسية في لبنان».

وتُردف الخوري: «المسيحيون في لبنان يشكّلون جزءًا أساسيًّا من النسيج الاجتماعي والثقافي. والرئيس المقبل يجب أن يضع حماية الوجود المسيحي على رأس أولويّاته، عبر تعزيز التمثيل السياسي للمسيحيين وضمان حقوقهم في المشاركة في الحياة العامّة».

وتختم: «الوحدة الوطنيّة هي المفتاح لضمان استقرار لبنان وحماية جميع مكوّناته الطائفية. والكنائس والمؤسسات الدينية تؤدّي دورًا حيويًّا في دعم المجتمعات المسيحية في البلاد. الكنائس يمكن أن تكون شريكًا أساسيًّا في جهود الرئيس المقبل لتحقيق الاستقرار والتنمية».

ويتزامن التهميش السياسيّ للمسيحيين مع تدهور متواصل في الوضع الاقتصاديّ، بحيث أصبح من الصعب على كثير من العائلات المسيحية تأمين سبل العيش الكريم، ليعود بذلك موضوع هجرة الشباب إلى واجهة الأحداث. واستنادًا إلى أحدث الأرقام والإحصاءات، فإنّ هجرة المسيحيين، وبخاصّةٍ الشباب، تُهدّد بفقدان لبنان تنوّعه الثقافي والديني، ما يزيد المخاوف على الهوية الوطنية.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته