«رأينا نجمه في المشرِق»… قراءة في رحلة المجوس الميلاديّة

لوحة تُجسّد المجوس يستقبلون الملك الموعود بالإكرام والسجود والهدايا لوحة تُجسّد المجوس يستقبلون الملك الموعود بالإكرام والسجود والهدايا | مصدر الصورة: Renata Sedmakova/Shutterstock

انفرد متّى الإنجيليّ بحضور المجوس في روايته الميلاديّة. ويخبرنا أنّهم جاؤوا إلى أورشليم من المشرق في أيّام هِيرُودُسَ المَلِكِ، متسائلين: «أَينَ مَلِكُ اليهودِ الَّذي وُلِد؟ فقَد رأَينا نَجمَه في المَشرِق، فجِئْنا لِنَسجُدَ لَه».

وإذ لم يقدّم الإنجيليّ معلومات كثيرة عن هويّة هؤلاء المجوس وعددهم وعملهم، استوضحت «آسي مينا» بعض التفاصيل في حديثها مع الأب فرانك كمال، الكاهن في أبرشيّة زاخو الكلدانيّة. فبيّن أنّ «هؤلاء المجوس قدموا من بلادنا، بلاد ما بين النهرين، الواقعة حينئذٍ تحت حكم الفرس؛ فجذورهم كلدانيّة وفارسيّة».

وشرح أنّ تسمية المجوس مأخوذةٌ من اللغة الفارسيّة القديمة وتعني كهنة أو علماء فَلَك يرصدون حركة الكواكب. وأضاف: «وإذ رصدوا نجمًا غريبًا لم يتوانوا عن اتّباعه لمسافاتٍ بعيدة، من بلادهم المشرقيّة وصولًا إلى أورشليم».

وتابع كمال: «احتمالهم مشقّة هذه المسيرة الطويلة يدعونا إلى فهمٍ أعمق لهذه القصّة التي توجّه أنظارنا إلى أنّ يسوع المسيح لم يأتِ مخلِّصًا لليهود فحسب، بل للأمم جميعًا، يمثّلهم هؤلاء القادمون من المشرق والعائدون إلى ديارهم لاحقًا حاملين بشرى وكرازة استباقيّة مفعمة بمضامين دعوة الربّ: "اذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ"، فكانوا باكورة الأمميّين المؤمنين بالمسيح».

وواصل شرحه: «من جانبٍ آخر، تسلّط زيارة المجوس الضوء أيضًا على التضادّ الحادّ بين إيمان مجوسٍ وثنيّين غرباء قطعوا المسافات ليستقبلوا الملك الموعود بالإكرام والسجود والهدايا، وعدم إيمان الشعب اليهوديّ ورفضه المولود وإنكار ملوكيته؛ بل تعاوُن الملك اليهوديّ هيرودس ورؤساء الكهنة لتدبير مؤامرة بغية قتل الطفل يسوع».

ذهبٌ ولُبانٌ ومُرّ

على صعيدٍ متصل، قال كمال: «حملت هدايا المجوس للطفل الإلهيّ معاني عدّة، وضمّت في طيّاتها اعترافًا بمضامين إيمانهم. إذ قدّموا ذهبًًا إلى يسوع الملك، وبخّورًا إلى يسوع الكاهن، ومُرًّا إلى يسوع المخلِّص المتألِّم فداءً عن كثيرين».

وأردف: «على خطى المجوس القادمين من بلادنا مهتدين بنور نجمٍ قادهم إلى المسيح، كلّنا مدعوّون اليوم لنكون نجومًا تضيء طريق إخوتنا وتجذبهم وتدلّهم إلى المسيح ليعرفوه ويؤمنوا به ويحملوه بدورهم إلى العالم، مسترشدين بكلمات القديس أغسطينوس: "كن نورًا يُظهِر طريق المسيح"؛ فندع نور كلمة الربّ يقود مسيرة إيماننا كما قاد النجم المجوس».

وختم كمال مستشهِدًا بكلمات البابا فرنسيس التي تدعونا إلى أن «نرفع عيوننا إلى السّماء مثل المجوس، وننطلق سائرين نبحث عن الربّ يسوع، ونَحني قلوبنا ونسجد له»، طالبين نعمته ليمنحنا شجاعة البحث عن الله والسّجود له، «وقبل كلّ شيء، نعمة أن نعرف كيف نسجد».

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته