زمن الميلاد… دعوةٌ إلى تأمُّل المشورات الإنجيليّة في حياة القدّيس يوسف

القدّيس يوسف مع العائلة المقدّسة القدّيس يوسف مع العائلة المقدّسة | مصدر الصورة: marcociannarel/Shutterstock

كلّنا مدعوّون إلى القداسة والاتحاد بالله أبينا، إذ تُعلّمنا الكنيسة الكاثوليكيّة أنّ عيش المشورات الإنجيليّة الثلاث «العفة والطاعة والفقر» يؤهّلنا لنختبر كمال المحبّة واتّباع المسيح وتتميم وصاياه. وهي دعوةٌ عامّة إلى المؤمنين، وبخاصّةٍ الذين لبّوا الدعوة إلى الحياة المكرّسة.

يُعدّ القدّيس يوسف مثالًا عظيمًا لعيش المشورات الإنجيليّة، لا سيّما للرهبان والراهبات. وفي زمن الميلاد، دَعَت الأخت جمّة بيبا من رهبانيّة بنات مريم الكلدانيّات في حديثها عبر «آسي مينا» إلى التأمّل في مثاله لعيش كمال المحبّة عبر عفته وطاعته للربّ وفقره.

استشهدت بيبا بكلمات القديس فرنسيس دي سال: «كان ضروريًّا أن توكِل العناية الإلهيّة مريم إلى رعاية رجلٍ طاهرٍ تمامًا ووصايته» لتشير إلى اختيار الله يوسفَ العفيف حارسًا لتابوت العهد الجديد «مريم البتول».

بنقاء قلبه عاين الله في ابنه

أوضحت بيبا أنّ العفّة غير مقتصرة على ما هو جسديّ، بل هي دعوةٌ إلى وضع جميع الرغبات جانبًا والعمل لخدمة الآخرين؛ وهذا ما فعله يوسف لعائلته المقدّسة، «إذ عاش فضيلة العفّة التي تدرِّب الجسد على التخلّي عن رغباته الأنانية وتحوّله إلى أداة للحبّ المضحّي».

وتابعت: «يرتبط عفاف الإنسان بنقاء القلب، وأنقياء القلوب يعاينون الله (مت 5: 8) وهذا ما عاشه يوسف، فاستطاع بنقاء قلبه أن يعاين وجه الله من خلال الابن الحبيب وأن يكون مربّيًا له».

حامي العائلة المقدّسة

عاش يوسف طاعةً تامّة لمشيئة الله. ورغم حيرته، لم يتردّد في قول: نعم، حين دعاه الله ليصبح حاميًا للعائلة المقدّسة وراعيًا لمريم وطفلها. وعن يوسف، مثال الطاعة، قالت بيبا: «رغم عدم يقينه ممّا يمكن أن يواجهه في المستقبل، أخذ هذه الخطوة المنافية للشريعة اليهوديّة، واحتمل صعوباتٍ أخرى لاحقًا بالذهاب إلى مصر، البلد الغريب، ليحمي مريم والطفل يسوع».

يمكن أن نتعرّف إلى عيش يوسف فضيلة الفقر عبر مهنته المتواضعة نجّارًا في مدينة صغيرة كالناصرة، لا يعتقد اليهود أنّ شيئًا صالحًا يمكن أن يخرج منها (يو 1: 46). وشرحت بيبا أنّ «اتّكال يوسف على الربّ في كلّ شي هو جوهر فضيلة الفقر، فعاش متحرِّرًا من أيّ ارتباطٍ بالأشياء قد يمنعه من رؤية الله، واثقًا  بحضوره وتدبيره لجميع مخلوقاته بحسب احتياجاتها».

وأردفت: «هذه الحرّية التي عاشها يوسف ساعدته في استجابته لإرادة الربّ، فتغيّرت حياة النجّار البسيط إلى قدّيسٍ عظيم أرفع قدرًا من الملوك. فكان يوسف الفقير معطيًا سخيًّا للربّ، حينما وهب حياته للمهمّة التي دعاه الله إليها: حماية الطفل الإلهي وأمّه مريم».

وختمت بيبا بكلمات البابا فرنسيس: «إنّ شخصيّة يوسف مثاليّة للغاية، في عالمٍ يحتاج إلى الآباء ويرفض الأسياد، ويرفض الذين يخلطون السلطة بالاستبداد، والخدمة بالذل، والمواجهة بالقمع، والمحبّة بتقديم المساعدة، والقوّة بالتدمير».

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته