بالنسبة إلى رعاية هذه الحقوق والجهات المعنيّة بها، يُخبِرُ عيسى: «يأتي أوّلًا دور الدول من خلال الدستور والقوانين الوطنيّة والداخليّة؛ إضافة إلى المنظّمات الدوليّة والإقليميّة، والمنظّمات غير الحكوميّة. ويبقى دور وسائل الإعلام في كشف انتهاكات حقوق الإنسان، ومنظّمات المجتمع المدنيّ ومهمّتها في التوعية بأهمّية الحقوق. وأخيرًا دور الأفراد في احترام حقوق الآخرين وتعزيزها، والإبلاغ عن الانتهاكات، أو العمل التطوّعيّ مع الجهات المعنيّة».
الحروب وانتهاكاتها الجسيمة
يؤكّدُ عيسى: «في لبنان، تُضعف الاعتداءات المتمادية بحق الإنسان والاضطرابات السياسيّة والاقتصاديّة قدرة الدولة على حماية الحقوق الأساسيّة، ما يضعنا أمام تحدّيات أهمّها: غياب العدالة الدوليَّة، وعدم محاسبتها المسؤولين عن انتهاك حقوق الإنسان». ويُضيفُ: «تُسيَّس القضيّة الإنسانيّة، فيجري التعامل مع المدنيّين كأداة ضغط سياسيّ… والتدمير المستمرّ للبُنْية التحتيّة يُعيق توفير الصحّة والسكن اللائق؛ واستمرار الصمت الدوليّ من دون إيجاد الحلول العادلة، ما يؤدّي إلى عدم الاستقرار السياسيّ، ويؤشّر إلى أنّ حقوق الإنسان باتت صفحات ورقيّة، تتضمّن مبادئ لا وجود لها في الواقع».
ويواصل حديثه: «ما يحدث في لبنان وفلسطين يستوجب البحث في العلاقة بين حقوق الإنسان والقانون الدوليّ الإنسانيّ؛ فكلاهما يسعى إلى حماية الإنسان، وضمان الكرامة الإنسانيّة. إذا برزت الأولى في أوقات السلم، فعلى الثاني رعاية الحقوق في أوقات الحرب».
ويتابع: «العلاقة بين حقوق الإنسان والواقع المسيحيّ في لبنان معقّدة، إذ تتأثّر بالعديد من العوامل السياسيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة، فضلًا عن التطوّرات التاريخيّة التي أدّت إلى تراجع أعداد المسيحيّين في بعض مناطق الشرق الأوسط بما فيها لبنان». ويزيد: «عرف المسيحيّون كغيرهم، من الأقلّيّات، التحدّيات في ممارستهم حقوقهم السياسيّة والاجتماعيّة والدينيّة، وذلك بسبب الحروب المتعاقبة، وعدم الاستقرار السياسيّ، فضلًا عن غياب التخطيط لاستراتيجيّات واضحة، وعقلانيّة تؤسّس دولة تعامِل المواطنين على أساس المساواة في المواطنة المتحرّرة من التخصّص الطائفيّ الذي ترعاه الزبائنيّة السياسيّة، بدلًا من الكفاية».
ويختم عيسى: «ما يُعَقّد الأمور أكثر، هو التناحر بين القوى السياسيّة، المستند إلى الخلافات الشخصانيّة، بعيدًا عن إقامة برامج تتصدّى للمشكلات الاجتماعيّة والاقتصاديّة والأمنيّة، وغياب تأمين فرص عمل للشباب، ما يدفعهم إلى الهجرة».