القوزح اللبنانيّة… بلدة حدوديّة مسيحيّة دمّرتها الحرب

من الدمار في بلدة القوزح اللبنانيّة بسبب الحرب الأخيرة من الدمار في بلدة القوزح اللبنانيّة بسبب الحرب الأخيرة | مصدر الصورة: الأب طوني حنّة

القوزح اللبنانية... هي إحدى القرى المسيحية المارونية في قضاء بنت جبيل-محافظة النبطية جنوب لبنان. تبعُد بضع مئات الأمتار عن الحدود الإسرائيلية، وقد أصبحت الآن رُكامًا. تقع القرية، التي سكنتها أجيال مُتتالية من المسيحيين، على ارتفاع يقارب 750 مترًا عن سطح البحر ما يجعلها نقطة استراتيجيّة مطلّة.

في الفترة المُنصرِمة، شهدت البلدة الصغيرة اشتباكات بين الجيش الإسرائيلي ومقاتلي حزب الله، ما أدى إلى تدميرها.

وعن هذه الأحداث الأليمة، قال كاهن الرعية الأب طوني حنّة في مقابلة هاتفية مع السجلّ الوطني الكاثوليكي، شريك إخباري لـ«آسي مينا» باللغة الإنجليزية: «غادر سكان البلدة مذعورين في إثر الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني في العام 2023. وبقيتُ وحدي أحتفل بالقداس الإلهي يوميًّا على أمل عودتهم، إلى أن أجبرني الوضع المُتفاقِم على مغادرة البلدة الشهر الماضي».

ووفقًا لحنّة، لم ينجُ سوى بيت واحد من أصل 88 منزلًا في القوزح. إذ استهدفت الغارات الجوية مقاتلي حزب الله الذين احتموا في القرية بعد مغادرة سكانها.

كما تعرّضت كنيسة البلدة، المُشيَّدة عام 1927 والمكرّسة للقديس يوسف، لأضرار جزئية.

استهداف المناطق المسيحيّة؟

خلافًا للقوزح، لم تتعرّض القرى المسيحية الأخرى في المنطقة لدمار شامل. إذ شهدت قرية دبل المجاورة، على سبيل المثال، تدمير ستة منازل فقط من أصل 500. ومع ذلك، كشف مصدر محلّي موثوق عن نمط مقلق من التموضع العسكري الاستراتيجي. وأوضح: «يسعى حزب الله إلى إقامة قواعد عسكرية وحفر أنفاق في المناطق المسيحية لحماية التجمّعات المسلمة من الردود الإسرائيلية». ويُجسِّدُ مثال قرية يارون المُختَلَطة دليلًا على هذه الاستراتيجية، إذ لحق الدمار الجانب المسيحي فيها بشكل واسع بسبب الضربات العسكرية.

بلدة القوزح الحدوديّة في جنوب لبنان. مصدر الصورة: الأب طوني حنّة
بلدة القوزح الحدوديّة في جنوب لبنان. مصدر الصورة: الأب طوني حنّة

خسائر اقتصاديّة وثقافيّة

حلّ دمارٌ اقتصادي لا يوصف في قرية القوزح. ووفقًا لتقرير نُشر عام 2022 في صحيفة «لوريان لوجور» اللبنانية، كانت التعاونية الزراعية المحلّية تنتج نحو 821 كيلوغرامًا من الصعتر اليابس سنويًّا، من خلال تجفيف 5.5 أطنان من الصعتر الأخضر المُمتدّ على أكثر من 12,000 متر مربع.

وأشار الأب حنّة إلى أن أشجار الزيتون الـ8000 في القرية كانت تنتج سابقًا 50,000 لتر من الزيت سنويًا. واستطرد: «نعلم أنّنا لن نتمكّن من استئناف عملية الإنتاج الطبيعية قبل خمس سنوات على الأقل. فينبغي أولًا تنظيف التربة من آثار الفوسفور».

ولا تقتصر الخسائر على الجانب الاقتصادي. بل ذكرت الصحيفة نفسها أنّ القوزح تضم كنوزًا أثرية رومانية، بما في ذلك ديرٌ يعود إلى زمن القديسة هيلانة. ويخشى كاهن الرعية أن يؤدي الدمار الاقتصادي إلى اختفاء المسيحيين بشكل نهائي من المنطقة.

بلدة القوزح الحدوديّة في جنوب لبنان. مصدر الصورة: الأب طوني حنّة
بلدة القوزح الحدوديّة في جنوب لبنان. مصدر الصورة: الأب طوني حنّة

الأمل باقٍ رغم المحن

رغم التحديات الهائلة، لا يزال الأمل قائمًا. وأوضح حنّة: «المسيحيون النازحون متمسكون بالعودة إلى أرضهم. وهم يحاولون تنظيم أنفسهم لاستعادة التعاونية الزراعية وضمان بقاء تراثهم الثقافي». وشدد على الحاجة الملحّة إلى التضامن المسيحي الدولي لتمكين السكان من إعادة بناء منازلهم وضمان مستقبل كريم لعائلاتهم. وختم حنّة: «لا ينوي المؤمنون الذين أتواصل معهم، الاستسلام. ورغم حزنهم على فقدان أراضي الأجداد، يطمحون إلى إنهاض القوزح من تحت أنقاضها، مثلما قام المسيح الربّ من بين الأموات مُمَجَّدًا».

تُرجِمَ هذا المقال عن السجلّ الوطني الكاثوليكي، شريك إخباري لـ«آسي مينا» باللغة الإنجليزية، ونُشِر هنا بتصرّف.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته