كيف يقرأ المطران الورشا الوثيقة النهائيّة للسينودس عن السينودسيّة؟

المطران رفيق الورشا المطران رفيق الورشا | مصدر الصورة: صفحة «Parrocchia Maronita Roma - San Marun» في فيسبوك

بعد انتهاء أعمال الدورة الثانية من الجمعية الـ16 لسينودس الأساقفة «من أجل كنيسة سينودسيّة: شركة ومشاركة ورسالة» في الفاتيكان الشهر الفائت، بدأت مرحلة تنفيذ مقرّراته.

وكانت وثيقة نهائيّة للسينودس قد صدرت الشهر الماضي تبنّاها البابا فرنسيس كما هي.

وأكّد الأب الأقدس في ملاحظةٍ مرافقةٍ للوثيقة نشرتها دار الصحافة الفاتيكانيّة أمس أنّ الوثيقة أصبحت جزءًا من التعليم العاديّ لخليفة بطرس.

وبما أنّ الوثيقة تتناول قضايا ترتبط بالشرق الكاثوليكي، وللوقوف على رأي كنسيّ شرقيّ، سألنا المطران يوحنا رفيق الورشا، المعتمد البطريركي الماروني لدى الكرسي الرسولي، باختصار عن قراءته لها.

عنصر روحيّ بارز ومفاجأة

اعتبر الورشا أنّ الوثيقة مهمّة وقد احتاجت إلى وقت للنضوج. وعبّر عن إعجابه بالطريقة المعتمدة في خلال هذا السينودس إذ لم يكن نتيجة اختبارات الكنائس وحياتها فحسب بل تضمّن أيضًا عنصرًا روحيًّا بارزًا جدًّا. فذكّر الأسقف المارونيّ بقول رؤيا يوحنّا: «اسمعوا ما يقوله الروح للكنائس». ووصف بالمهمّ: الإصغاء لما يريده الربّ من الكنيسة الجامعة والكنائس المحلّية، والتمييز، والصلاة، واستلهام الروح القدس.

وعن ردّة فعله الأولى على الوثيقة، قال المعتمد البطريركيّ إنّ قبول الوثيقة كما هي من البابا فرنسيس وعدم صدور إرشاد رسولي ملزم فاجآه. فكان يرغب في نشر إرشاد رسولي، لأنّ الكنيسة اعتادت على ذلك بعد كلّ سينودس.

شمّاسيّة المرأة 

في سؤال عمّا إذا خابت آماله من عدم قبول الموضوع شمّاسيّة المرأة، أجاب الورشا أنّ هناك نحو 10 مواضيع تُركت للجانٍ للتعمّق فيها، لذا لم يشكّل الأمر خيبة أمل له. فعدم قبول شمّاسيّة المرأة، على حدّ تعبيره، يعني أنّ الأمر ليس ناضجًا بعد. وتابع أنّ هناك أمورًا أخلاقيّة ولّدت بلبلة أيضًا، ومن الأفضل ألّا تُعرَض بشكلٍ يمكنه خلق شرخ؛ فالكنيسة ليست بحاجة إلى جراحات إضافيّة.

ما يمكن للموارنة تعلّمه

في ما يتعلّق بقدرة الكنائس الشرقيّة الكاثوليكيّة والكنيسة اللاتينيّة على تعلّم أمر ما بعضها من بعض بعد السينودس عن السنيودسيّة، شرح الورشا أنّ الكنيسة الشرقيّة سينودسيّة بتركيبتها. وأضاف أنّ «السير معًا» أمر يُعاش في الكنائس الشرقيّة. وزاد أنّ من الممكن تعلّم الطريقة المستخدمة في السينودس الأخير.

فبدْء البابا فرنسيس الدورة الثانية برتبة توبة أمر مهمّ أن تعيشه كلّ كنيسة تريد التجدّد؛ إذ إنّ الاهتداء أمر مهمّ جدًّا، بحسب المطران المارونيّ. وفسّر الورشا أنّه يمكن للكنيسة المارونيّة أن تتعلّم من هذا السينودس أيضًا: تنظيم عملها وإعادة النظر في هويّتها أكثر والتوبة. فمن الجيّد ككنيسة أن نكون في حالة توبة ونقرأ ما اقترفنا من أخطاء، على حدّ تعبيره.

أمّا الكنيسة اللاتينيّة فيمكنها أن تتعلّم كثيرًا من الكنائس الشرقيّة، بحسب الورشا. فالكنيسة الشرقيّة تعيش اضطهادًا وصعوبات، وعلى الرغم من ذلك تحافظ على ثباتها وصلابتها. ويمكن للكنيسة اللاتينيّة أن تتعلّم هذا الأمر. وذكّر بأنّ في الشرق ظهر كثيرون من الآباء واللاهوتيّين العظماء؛ وللشرق ليتورجيا ورمزيّات، لذا من الجيّد أن يتعرّف اللاتين أكثر إلى الكنائس الشرقيّة، فتنمو الشراكة بينهم.

لجنة شرقيّة وسينودس خاصّ

سألنا الورشا عن الرقم 133 في الوثيقة النهائيّة الداعي إلى إنشاء لجنة برئاسة البابا تتألّف من بطاركة الشرق ورؤساء الأساقفة الكبار فيها. فقال إنّه يحبّذ هذا اللقاء ويراه مهمًّا. فلجنة مماثلة قد تساعد على التعاون في الأمور القانونيّة المرتبطة بالرسالة في البلدان المختلفة مثل تأسيس أبرشيّة أو إكسرخوسيّة جديدة في بلد معيّن. واعتبر أنّه يمكن للكنيسة اللاتينيّة أن تكون أكثر تضامنًا مع الكنائس الشرقيّة إن علمت بعمق أكبر ما يحصل فيها وحيثيّات حياة مؤمنيها؛ فمن المهمّ أن تحصل التفافة حولهم بحسب رأيه.

ويدعو الرقم عينه في الوثيقة إلى سينودس خاصّ للكنائس الشرقيّة الكاثوليكيّة من أجل تعزيز ترسيخها وإعادة ازدهارها. لذلك، سألنا الورشا إن كان هذا السينودس يسهم في أمور إضافيّة للكنيسة المارونيّة والكنائس الشرقيّة الكاثوليكيّة الأخرى خصوصًا أنّ في العقود الأخيرة عُقِد في الفاتيكان سينودس خاصّ من أجل لبنان وآخر من أجل الكنيسة في الشرق الأوسط.

فرأى الأسقف الماروني أنّ الظروف قد تغيّرت منذ السينودس الخاصّ من أجل لبنان. وهناك اليوم أسئلة أخلاقيّة جديدة مطروحة مثل الجندر، على سبيل المثال، تنعكس على المؤسسات الكنسيّة والتربويّة ولا بدّ من رأي واضح بشأنها لذلك لا بدّ من «تحديث». وسياق الشرق يتغيّر أيضًا بسبب الحروب والاستراتيجيّات. وسينودس من هذا النوع يخلق صوتًا نبويًّا يقول للعالم: «ألا يحقّ للكنائس الشرقيّة والشرق أن ترتاح؟»، كما قال الورشا.

المزيد

في الختام، وعن كيفيّة مساعدة الوثيقة النهائيّة الكنيسة في لبنان في ظلّ الحرب القائمة، رأى الورشا أنّ كنيسة لبنان تحتاج إلى تقوية نهج البابا فرنسيس في التضامن والتعاون مع المتروكين والنازحين، وهو نهج منعكس في الوثيقة.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته