اعتداء على مغارةٍ ميلاديّة في لبنان... هل بدأ المسلسل السنويّ؟

شجرة الميلاد والمغارة في ساحة بلدة فاريا، كسروان (جبل لبنان) شجرة الميلاد والمغارة في ساحة بلدة فاريا، كسروان (جبل لبنان) | مصدر الصورة: بلديّة فاريا

باكرًا بدأ مسلسل الاعتداءات على رموز الميلاد في لبنان هذا العام. مسدّس قرب مغارةٍ ميلاديّة في بلدة فاريا (قضاء كسروان، جبل لبنان). مشهد أثار غضب الأهالي ودفعهم إلى التجمّع في الساحة على وقع قرع أجراس الكنائس ومحاولات تهدئة النفوس المشحونة بحضور القوى الأمنية.

في حادثةٍ ليست غريبةً على الساحات اللبنانيّة، تسلّلت أيادي التخريب في عتمة ليل أمس إلى مغارة الميلاد في البلدة المسيحية لتزيل تمثال الطفل يسوع وتضع مكانه مسدّسًا حربيًّا. ومعروف عن قضاء كسروان أنّه معقل موارنة البلاد، وفيه يشمخ تمثال مزار سيّدة لبنان-حريصا، ويقع مقرّ البطريركية المارونية (بكركي). كثيرون قرأوا ما حدث محاولةً لزرع الفتنة عشية الزمن المجيد في بلدٍ تعجّ بلداته المسيحيّة حاليًّا بالنازحين من مناطق تستوطنها الحرب. فيما فضّل آخرون الابتعاد من التكهّنات والتحليلات وانتظار نتائج التحقيقات.

صرخة كاهن الرعيّة

أيًّا تكن الدوافع الكامنة وراء هذا الاعتداء، زرعت الحادثة غضبًا عارمًا في نفوس الأهالي. وقد رافقهم كاهن الرعيّة الأب شربل سلامة إلى الساحة حيث توجّه إليهم بكلمة استنكار وتهدئة في الوقت عينه. وقال في فيديو مقتضب: «سنبقى ساهرين على ضيعتنا. والأهم أن نبقى بهذه اللحمة والألفة إذ إنّ الربّ هو الذي يجمعنا. ربّما هي فرصة لنصلّي جميعًا هنا أمام هذه المغارة على نيّة من يحاول زرع الفتنة».

وأضاف: «لن نستبق التحقيق ولكن نقول: سامح الله من يحاول زعزعتنا. نحن هنا موجودون وباقون، هذه أرضنا وهذه منطقتنا. نحن أولاد كنيسة، نصلّي من أجل من فعل ذلك كي يفهم أن ليس بهذه السهولة يمكن المساس بمقدّساتنا». وختم سلامة: «ما حدث يتطلّب وعيًا كبيرًا، إذ إنّ الحماسة في مثل هذه الظروف تضرّنا. نصلّي للربّ يسوع كي يضع السلام في القلوب والنفوس، ولوطننا لبنان في هذه المحنة».

وكان سلامة أحضر تمثالًا جديدًا للطفل يسوع من كنيسة مار شليطا كي يوضع موقّتًا مكان التمثال الذي أزيل. وفي أعقاب الحادثة، حضرت الأجهزة الأمنية إلى المكان وفرضت طوقًا، وبدأت تحقيقاتها لكشف الملابسات وتحديد هوية الفاعلين.

شجرة الميلاد والمغارة في ساحة بلدة فاريا، كسروان (جبل لبنان). مصدر الصورة: بلديّة فاريا
شجرة الميلاد والمغارة في ساحة بلدة فاريا، كسروان (جبل لبنان). مصدر الصورة: بلديّة فاريا

البلديّة توضح

من جهتها، أوضحت بلدية فاريا حقيقة ما حدث. وقالت في بيان أصدرته اليوم: «في تمام الساعة السادسة من مساء السبت، وعندما كان أحد المواطنين يصوّر أحفاده أمام مغارة الميلاد في ساحة البلدة، عثر الأولاد على مسدس حربي ملقى على الأرض. فأقدم المواطن على إبلاغ أصحاب المحال المجاورة بذلك. عندها حضر شرطي من البلدية إلى المكان وعاين الموقع واتصل بالأجهزة الأمنية التي حضرت على الفور».

وتابع البيان: «بعد الكشف تبيّن أنّ شخص الطفل يسوع كان موجودًا خارج المغارة بين الأشجار المجاورة. فعملت القوى الأمنية على مصادرة المسدس وابتدأت بالتحقيق الذي أظهر أنّ شخص الطفل يسوع لم يكن موجودًا في المذود لحظة كان الأولاد يلتقطون الصور؛ أي أنّ العبث بالمغارة حصل قبل وصول الأولاد وجدّهم إلى المكان. وقد تأكّد ذلك بعد معاينة الصور من هاتف المواطن». وختمت البلديّة: «بناءً على ما تقدَّم، تطلب بلدية فاريا من أبناء البلدة ومن القاطنين الأعزاء الاتحاد والأخوّة والمحبة كما هي الحال دائمًا؛ ففاريا لطالما كانت مربعًا للعيش المشترك وقدوة في ترسيخ السلم والسلام والأمان وحسن الضيافة والاستقبال».

سجلّ حافل بالاعتداءات

يُذكر أنّ سجلّ العام الماضي حفل باعتداءاتٍ على رموز عيد الميلاد في لبنان. وكانت لمنطقة طرابلس (محافظة لبنان الشماليّ) الحصّة الأكبر. إذ شهدت المدينة التي تحتضن أقلّية مسيحيّة فاعلة مسلسلًا متنقّلًا من إحراق الأشجار الميلادية في باحات الكنائس. وتنوّعت أشكال الاعتداءات بين رمي مادة البنزين على شجرة الميلاد في باحة كنيسة القديس جاورجيوس-الميناء؛ ورمي قنبلة مولوتوف على شجرة أخرى في ساحة كنيسة مار جاورجيوس-الزاهرية. ويومها، قوبِلت هذه الظاهرة الطارئة على المدينة المتنوّعة ثقافيّا وطائفيًّا بموجةٍ استنكارات من القيادات السياسية والدينية والاجتماعية على اختلاف المشارب والانتماءات.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته