هل نقبل هديّة من مالٍ مجهول المصدر؟… الكنيسة تجيب

هل نقع في الخطيئة حين نقبل هديّة من شخصٍ نشكّ في مشروعيّة مصدر كسبه أمواله؟ هل نقع في الخطيئة حين نقبل هديّة من شخصٍ نشكّ في مشروعيّة مصدر كسبه أمواله؟ | مصدر الصورة: Fantastic Studio/Shutterstock

قد يشعر كثيرون من المؤمنين بأنّ فوضى عالمنا المعاصر تسبّبت في تداخل مفاهيم كثيرة وأنتجت شغبًا من التساؤلات حول ما يصحّ وما لا يصحّ، بل دفعت أيضًا بعضهم إلى البحث عن مبرّرات لما يرونه صحيحًا من وجهة نظرهم، بشكلٍ قد يخالف تعليم الكنيسة.

وفي ظلّ فوضى التداخلات، قد تتداخل أيضًا مصادر الأموال التي يكسبها بعضهم. فيلحّ هنا التساؤل: «هل نقع في الخطيئة حين نقبل هديّة من شخصٍ نشكّ في مشروعيّة مصدر كسبه أمواله؟».

يجيب الأب بول ربّان، الكاهن الكلدانيّ المتقاعد في السويد عن هذه التساؤلات في حديثه إلى «آسي مينا». ويوضح أنّ بعضهم يسعى إلى تبرير نفسه إزاء هذا الشكّ، مفسِّرًا أنّ بعض الأموال إن كان غير مشروع المصدر، فبعضه الآخر مشروع. ويُرجِع ما قَبِل أن يأخذه إلى الجزء المشروع.

ويفسّر ربّان أنّ تداخل الأموال في محفظةٍ واحدة يصعِّب الفصل بين المشروع منها وغير المشروع، مبطِلًا التفسير السابق. واستطرد: «إذا كان المال مفروزًا حقًّا، فمن يضمن لك أنّ ما قبِلْته كان من الجزء المشروع؟ أم أنّك تبحث عمّا يزكّيك لتحتفظ بما تعلّق قلبك به؟ وهل تساءلت إن كانت الهدايا والعطايا مجرّد تعبيرٍ عن المحبّة أم فيها شبهة غسيل أموال؟».

وشرح أنّ المال ليس شرًّا بحد ذاته، فلا يُقَدِّس ولا يُنَّجِس. ولكنّ الشرّ يكمن في وسائل كسبه وإنفاقه، ونيّة الإنسان ودوافعه في كليهما. لأنّ مَا يَصْدُرُ من الْقَلْب «فَذَاكَ يُنَجِّسُ الإِنْسَانَ».

فهل اختلاط الأموال ينجّس وفرزها يبرِّر؟ يؤكّد ربّان أنّ نيّة المُعطي وقلب المستفيد هما الأهمّ، والتوثّق من أنّ اتّباعك مفاهيم البشر لا يتعارض مع مشيئة الله. «أصغى آدم لكلام الحيّة الموافق لشهوة قلبه، فخالَف وصيّة الله، فاجتهدْ ألّا تصنع مثله».

لا تدينوا لئلّا تدانوا!

تابع ربّان: «الشكّ والبحث عن تبربر الذات خشية مشاركة الآخر خطيئته لا يعفيان المتبّرِّر، بل يوقعانه في خطيئة إدانة القريب، كما فعل الفرّيسيّون الذين أدانوا يسوع وحكموا عليه بالموت، من دون أن ينسوا أن يبرّروا أنفسهم».

وقال: «يدعو الله جميعنا، كما دعا أبانا إبراهيم "أَنَا اللهُ الْقَدِيرُ. سِرْ أَمَامِي وَكُنْ كَامِلًا"، وربّنا يدعونا "كُونُوا أَنْتُمْ كَامِلِينَ كَمَا أَنَّ أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ هُوَ كَامِلٌ"، ويوصينا بأن نكنز كنوزًا في السماء "حَيْثُ لاَ يَنْقُبُ سَارِقُونَ وَلاَ يَسْرِقُونَ"».

وختم ربّان: «نحن مدعوّون إلى التأمّل في كلمة الله، وفحص بواطن قلوبنا بصدق، فلا نسمح للشهوة بأن تجرّنا إلى تأييد ضمنيّ للشرّ والخطيئة، لنا أو لغيرنا؛ فنتجنّب دينونة الآخر، لأنّ الله الْبَارَّ وحده «فَاحِصَ الْقُلُوبِ وَالْكُلَى»، ونصغي إلى تعليم بولس الرسول لتلميذه طيموثاوس: "وَلاَ تَشْتَرِكْ فِي خَطَايَا الآخَرِينَ. اِحْفَظْ نَفْسَكَ طَاهِرًا"».

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته