هل الشعور بالخوف وسط آلام الحياة دلالة على ضعف الإيمان؟

على المؤمن السعي إلى الثبات في المسيح عَبْر علاقة دائمة على المؤمن السعي إلى الثبات في المسيح عَبْر علاقة دائمة | مصدر الصورة: Doidam 10/Shutterstock

يشعر الإنسان بالخوف أحيانًا، كردّ فعلٍ حيويّ يتّخذه عند الشعور بخطرٍ ما، جسديّ أو نفسيّ؛ فغريزة الخوف الطبيعيّ تُسهم على نحوٍ إيجابيّ في بقائنا على قيد الحياة، عبر عملها كمنبّهٍ ينذرنا بوجود خطر ما، فنحتاط متأهّبين للدفاع عن حياتنا.

شرحَ المطران حبيب هرمز راعي أبرشيّة البصرة والجنوب الكلدانيّة في حديثه إلى «آسي مينا» أنّ الخوف قد ينتابنا في حياتنا الروحيّة أيضًا، رغم إيماننا كمسيحيّين وثقتنا ورجائنا بشخص المسيح الذي يدعونا إلى تسليم الذات إليه.

المطران حبيب هرمز. مصدر الصورة: اسماعيل عدنان/آسي مينا
المطران حبيب هرمز. مصدر الصورة: اسماعيل عدنان/آسي مينا

وفسّر: «يتشوّه هذا الإيمان إن اعتمد على تديّنٍ سطحيّ، إذ يخلق حينئذٍ حالات خوفٍ غير مبرَّرة عند مواجهة مخاطر الحياة؛ فيتصوّر المؤمن أنّ الله تركه وحيدًا، غير مدركٍ حاجته إلى تعميق المعرفة الروحيّة بأنّ الربّ يسوع المسيح معه في كلّ لحظة؛ فهو الألف والياء، البداية والنهاية، والمخلِّص الذي افتدانا مقدِّمًا حياته على الصليب، كي تكون لنا الحياة، ولن يتخلّى عنّا البتّة».

ورأى هرمز أنّ على المؤمن السعي إلى الثبات في المسيح عَبْر علاقة دائمة. ويذكّر بقول المزمور: «إِنِّي ولَو سِرتُ في وادي الظّلمات لا أَخافُ سُوءًا لأَنَّكَ مَعي».

واستطرد: «لكنّ المؤمن يمتاز بشخصيّةٍ حسّاسة تخاف عند ارتكاب خطيئة. ويكون هذا الخوف ايجابيًّا في البداية، إذ يحفّزه على التقدّم من سرّ التوبة؛ فلا داعيّ للخوف، لأنّ رحمة المسيح لا حدّ لها كما يعلّمنا القديس إسحق القطريّ، إذا كانت لدينا ثقة بالله وبعنايته بنا».

وذكر هرمز أنّ الإيمان المرتبط بتديّنٍ سطحيّ يولّد أشكالًا من الخوف تُضعِف الشخصية. لذا، تؤدّي المثاقفة دورًا كبيرًا في إنضاج الإيمان، وتوضيح الفرق بين الخوف والمخافة. «فالخوف، في بعض أشكاله، سلبيّ وغير مبرَّر، مقابل إيجابيّة المخافة. ومنها خشية مخالفة وصايا الله وسط الأزمات، أو خشية ارتكاب ما يُحزِن الله. هذه الخشية هي مخافة وليست خوفًا، وهي علامة على قوّة الإيمان ونضجه».

وأكّد أنّ علينا التمييز بين الخوف الطبيعيّ والخوف من اتخاذ قرارات تتعارض مع الإيمان أو نتيجةً لضعفه. كما حصل مع بطرس الذي مشى على الماء متوجِّهًا صوب الربّ، بعدما شجّعه قائلًا: «أَنَا هُوَ. لاَ تَخَافُوا». ولكن، عندما شعر بطرس بالخوف، أخذ يغرق. وذكّر بأنّ عبارة «لا تَخَفْ» ومشتقاتها، مذكورةٌ 365 مرة في الكتاب المقدس، بعدد أيّام السنة.

وختم هرمز مشدّدًا على ضرورة امتلاك شجاعة الإيمان وروح تمييز الأفكار، واختيار ما يقودنا نحو القداسة، كعمل الخير وإدراك الجمال والسعي نحو الحقيقة وابتغاء العدالة وعيش المحبة… وهذه كلّها ترتبط بالحياة الجماعيّة وتُسهم في تقوية إيماننا وتساعدنا على تجاوز عقبة الخوف.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته