بالتزامن مع إعلان البابا فرنسيس قداسة شهداء دمشق في الفاتيكان أمس، ترأّس النائب الرسولي في حلب ومطران اللاتين في سوريا حنا جلوف قداسًا إلهيًّا في كنيسة القديس فرنسيس الأسيزي في حلب، مع نصب شاشة كبيرة لمتابعة مراسم التقديس.
منذ سنوات تهتمّ الكنيسة اللاتينية في سوريا اهتمامًا بالغًا بشهدائها الرهبان الفرنسيسكان، وتحتفل بعيدهم في العاشر من يوليو/تموز من كلّ عام.
فمن هم هؤلاء الرهبان الثمانية العائدة أصولهم إلى إسبانيا باستثناء راهب واحد يرتبط أصله بالنمسا؟
إيمانويل رويز
رئيس دير القديس بولس في باب توما-دمشق. كان لديه ميل خاص لتعلّم اللغات الشرقية لذا تكيّف بسرعة مع البيئة الجديدة، ولُقِّب بالأب الصبور، وتميز بمحبته وحكمته.
أولى القربان المقدّس أهمّيةً خاصة؛ فعندما كان المضطهدون على وشك دخول الدير، جمعَ الرهبان وبعض العلمانيين بمن فيهم أطفال المدرسة وناولهم جسد المسيح.
وعندما اقتحم المسلّحون الدير توجّه مسرعًا إلى القربان المقدّس وتناوله بالكامل حتى لا يتعرّض للتدنيس، قبل أن يراق دمه تحت المذبح.
كارميلو فولتا
انتقل منذ وقت باكر إلى الأراضي المقدسة (تشمل دمشق) وبقي فيها 29 عامًا حتى استشهاده في دير القديس بولس. كان حينها يشغل منصب كاهن رعية اللاتين، ويمارس مهامه في تعليم اللغة العربية للمرسلين الجدد. كما كان حارسًا في دمشق مرتين (1843-1845) و(1845-1851).
نقل رواية استشهاده نعمة ابن الشهيد القديس عبد المعطي المسابكي، الذي تمكن من الاختباء داخل الكنيسة؛ فأكد تعرُّض بولتا للضرب المبرح مع تهديده بالقتل إن لم يعتنق الإسلام، فجاءت كلماته الأخيرة: «أبدا، لأنّ يسوع المسيح قال لا تخافوا الذين يقتلون الجسد ولا يستطيعون قتل النفس، بل خافوا الذي يقدر أن يهلك النفس والجسد جميعًا في جهنم».
إنجيلبرت كولاند
تعود أصوله إلى النمسا. خدم في القدس وفي كنيسة القيامة، ثم انتقل إلى دمشق. وعندما كان الأب بولتا مريضًا تولّى كولاند جميع المهام الراعوية تقريبًا، وبادر إلى بناء برج ووضَع جرسًا كبيرًا فيه.
وبعد دخول المعتدين إلى الدير استطاع كولاند الهرب والاختباء في منزل شخص ماروني اسمه متري، إلى أن كشف أمره وانتهت حياته بضربة فأس بعد رفضه الارتداد عن المسيحية.
وصل إلى الأراضي المقدسة قبل عامين فقط من المذبحة. ألقى المضطهِدون القبض عليه وعرضوا عليه تغيير دينه، فكان جوابه: «لا، إنّني مسيحي فاقتلوني». فطعنه أحد القتلة بخنجر اخترق عنقه حتى رقبته، وبذلك تحققت نبوءة أخته الراهبة التقية ماريا باتروجينيو.
بيترو سولير
أُرسل إلى الأراضي المقدسة عام 1859. وفي ليلة الهجوم كان يجتاز مع ولدين باحثًا عن ملجأ، ففاجأه المهاجمون وطلبوا منه مالًا. حينها أجابهم بأن لا مال لديه، فطلبوا منه جحد إيمانه فرفض. ومن ثم جثا على ركبتيه طالبًا البركة من الآب السماوي قبل أن يطعنوه بالخناجر حتى الموت.
نيقولاس ألبيركا
شعر منذ صغره بأنّه سيموت شهيدًا وكان يتوق إلى ذلك. فكان مستعدًا للاستشهاد بقوة. وعندما صادفه القتلة في ممشى الدير دعوه إلى جحد إيمانه فأجابهم: «إنّني أفضّل أن أحتمل الموت ألف مرة على أن أجحد إيماني». فقتلوه بعيار ناريّ أصاب قلبه.
(تستمر القصة أدناه)
اشترك في نشرتنا الإخبارية
فرانشيسكو بينازو
عندما أحرق القتلة الدير والكنيسة، لجأ إلى قبّة الجرس ورفع ذراعيه إلى السماء متضرّعًا حتى صعد إليه بعض القتلة فضربوه بالمطارق ثم ألقوه من أعلى القبة إلى الساحة.
خوان فرنانديز
عُرِف بشدة تقواه وعظيم اتضاعه، وكان استشهاده شبيهًا باستشهاد رفيقه فرانشيسكو إلا أنّه ظلّ ينازع حتى الصباح وهو يصلّي. ثم دنا منه أحد القتلة وأجهز عليه بضربة سيف.
ترأّس البابا فرنسيس صباح اليوم قدّاسًا في ساحة القديس بطرس-الفاتيكان رفعَ في خلاله إلى مجد المذابح قديسين جُددًا من بينهم «شهداء دمشق»، الإخوة المسابكيّون الموارنة الثلاثة. وقال: «لنطلب بثقة شفاعة القديسين الجدد كي نتمكّن نحن أيضًا من اتّباع المسيح في الخدمة وكي نصبح شهود رجاء للعالم».