بيروت, الخميس 10 أكتوبر، 2024
هدوء متقطِّع حذِر يخيّم على العاصمة اللبنانية منذ يومَين تحديدًا. لليلتَين متتاليتَين تمكّن سكّان بيروت وساحل جبل لبنان من النوم قليلًا بعدما حُرموا إيّاه طوال الأسبوعَين الفائتَين بسبب سلسلة غارات عنيفة على الضاحية الجنوبيّة لبيروت. ومع تراجع وتيرة القصف ومنسوب عنفه، تتقدّم وتيرة الحراك الكنسيّ للدفع باتّجاه حلٍّ يُنهي دوّامة القتل ويعيد إلى بلد القدّيسين السلام والطمأنينة.
لا تشبه حال بيروت في اليومين الماضيين حال الجنوب. فالأخير ما زال واقعًا تحت قصف إسرائيليّ جوّي ومدفعيّ ومعارك برّية تحتدم، ومنه تُطلَق صواريخ حزب الله باتجاه الداخل الإسرائيلي. وقبل ساعات، ضربت بلدة دردغيا (قضاء صور، جنوبيّ لبنان) موعدًا مع مأساة جديدة. فكانت كنيسة مار جرجس الكاثوليكية ضحيّة استهداف مركزٍ للدفاع المدنيّ مستحدثٍ بمحاذاتها، ما أدى إلى تدمير أجزاء كبيرة منها وسقوط عددٍ من عناصر الدفاع المدني من بينهم عنصر مسيحيّ يُدعى جوزيف البدوي. علمًا أنّ البلدة مختلطة طائفيًّا (من مسيحيين ومسلمين) ونزح معظم أهلها، وهي من القرى الجنوبيّة التي وصل إلى سكّانها أخيرًا تحذير إسرائيلي بضرورة مغادرتها.
هذا المشهد الجنوبيّ المحتدم، خطف الأنظار من العاصمة فأخذت وجوارها استراحة نسبيّة. استراحة مترافقة مع غاراتٍ متقطّعة يسبقها تحذير لأهالي بعض المباني في عمق الضاحية الجنوبيّة التي باتت شبه فارغة من قاطنيها. في هذا الوقت، لا تغيب المسيّرات عن سماء العاصمة طوال اليوم، فيشعر بها سكّان بيروت والمتن الساحلي تحوم فوق رؤوسهم بلا توقّف.