اليوم العالميّ للصحّة النفسيّة… الإيمان أداة فعّالة لتخطّي الصعوبات

روحانيّة الإنسان والبيئة الداعمة عاملان إيجابيّان في حياته النفسيّة روحانيّة الإنسان والبيئة الداعمة عاملان إيجابيّان في حياته النفسيّة | مصدر الصورة: Doidam 10/Shutterstock

في اليوم العالميّ للصحّة النفسيّة، تُطرَح جملة تساؤلات عن أهمّيتها في حياة كلّ إنسان، وعن دور الإيمان في تعزيزها. للإحاطة بهذه التساؤلات وسواها، التقت «آسي مينا» فادي الحلبي، معالج ومستشار نفسيّ للأزواج والبالغين.

يشرح الحلبي: «تطوَّر مفهوم الصحّة النفسيّة مع الوقت، إذ كنّا نقول إنّها تدور حول غياب المرض لدى الأشخاص. أمّا اليوم فأصبح لها تعريف أكثر إيجابيّةً يطال كلّ إنسان يستخدم جميع طاقاته العاطفيّة والاجتماعيّة والعلائقيّة والفكريّة والمهنيّة والروحيّة، ويتمكّن عبرها من بناء علاقات مرضية وبنّاءة؛ وهكذا يسهم في تطوير مجتمعه بطريقة أو بأخرى».

ويُضيفُ: «كما أنّ تعريف الصحّة النفسيّة ليس موضوعًا فرديًّا فحسب، بل يملك أيضًا بعدًا اجتماعيًّا. فالإنسان ليس كائنًا معزولًا عن بيئته التي تؤدّي دورًا في صحّته النفسيّة، والظروف الاجتماعيّة والاقتصاديّة والتقلّبات الحادّة في مجتمعه قد تؤثّر سلبًا عليه؛ لذا لا ينبغي أن يكون الإنسان قويًّا من الداخل فحسب، بل يحتاج أيضًا إلى دعم وراحة وبيئة نفسيّة حاضنة له، وهذا ما يُعرف بالنظام الداعم».

المعالج والمستشار النفسيّ للأزواج والبالغين فادي الحلبي. مصدر الصورة: فادي الحلبي
المعالج والمستشار النفسيّ للأزواج والبالغين فادي الحلبي. مصدر الصورة: فادي الحلبي

العلاقة بين الإيمان والصحّة النفسيّة

يكشِفُ الحلبي: «أجريتُ سلسلة دراسات استنتجتُ من خلالها أنّ هناك عوامل تُكسِب المرء مرونة عالية، تساعده في التأقلم مع أي مشكلة يتعرّض لها، ومن ثمّ تخطّيها. ووجَدتْ الدراسات أنّ هناك شروطًا عدّة لبلوغ هذه الغاية، منها: شخصيّة المرء الأساسيّة، وجيناته، والبيئة الحاضنة له، والأشخاص الذين يحيطون به، وروحه المرحة».

ويردِفُ: «كما خلصت هذه الدراسات إلى أنّ إيمان الشخص، أي ما يمتلكه من روحانيّة، يمكن أن يؤدّي دورًا فعّالًا إذا عرف كيفيّة توظيفه بطريقة صحيحة. بمعنى آخر، ليس بدافع الهروب من واقعه، بل بهدف تغذية البعد الروحيّ لديه؛ وبذلك، يجعله إيمانه يكتسب مرونة أفضل تساعده في مواجهة الصعوبات والنضوج من خلالها. لذا يمكننا علميًّا، أن نعتبر إيمان المرء أي روحانيّته، عاملًا إيجابيًّا في حياته».

ويواصل الحلبي حديثه: «لا توجد في عيادة طبّ النفس أمور لا يمكننا التطرّق إليها. كما أنّ المريض لديه الحرّية الكاملة بأن يتحدّث عن كلّ ما يريده، والطبيب لا يُجبره على ذكر البُعد الروحيّ إذا كان لا يريد ذلك. يحضر إلينا أشخاص من خلفيّات عدّة، من بينهم من هو غير مؤمن، لذا يحترم المعالج خصوصيّة المريض، ويستمع إليه وعلى هذا الأساس يرافقه».

ويتابع: «إذا أراد بعض الأشخاص التحدّث عن وجود أزمة في علاقتهم بالله تُسبِّبُ لهم عقدة نفسيّة، يقارِب الطبيب ذلك من زاوية علم النفس لمساعدة المريض على إعادة صياغة علاقة جيّدة وصحيحة بربّه؛ ولا يكون ذلك من باب الإرشاد الروحيّ، فهذا ليس من مهامه بل هو عمل المرشد الروحيّ».

ويضيف الحلبي: «اللجوء إلى المعالج النفسيّ أمر مهمّ، ولكنّ الأهمّ أن نتمكّن من إنشاء جماعات داعمة تُعرَف بدعم الأقران. يمكن أن تتكوّن هذه الجماعات من الأصدقاء أو العائلات، أو جماعات روحيّة؛ فهي تُسهم في تخطّي مشكلات نفسيّة من دون اللجوء إلى المعالج النفسيّ». ويختِمُ: «انطلاقًا من كلّ ما ذكرتُه، شعاري الأهمّ: نوعيّة علاقاتك تحدِّد نوعيّة حياتك».

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته