«قُتِلَ والداي وغفرتُ»... المطران خيرالله يشهد للمسامحة من سينودس الفاتيكان

مطران البترون اللبنانيّة للموارنة منير خيرالله في مؤتمر صحافيّ في دار الصحافة الفاتيكانيّة مطران البترون اللبنانيّة للموارنة منير خيرالله في مؤتمر صحافيّ في دار الصحافة الفاتيكانيّة | مصدر الصورة: دانييل إيبانيز/آسي مينا

«كنتُ أبلُغُ من العمر 5 سنوات. جاء أحدهم إلى منزلنا وقَتَلَ والدَيّ بوحشيّة»، هكذا بدأ مطران البترون اللبنانية للموارنة منير خيرالله شهادة حياة مؤثّرة قدّمها ضمن كلمة له في مؤتمر صحافي في دار الصحافة الفاتيكانيّة.

يشارك خيرالله في الدورة الثانية من الجمعيّة العامة الـ16 لسينودس الأساقفة «من أجل كنيسة سينودسيّة: شركة ومشاركة ورسالة» المعقودة في الفاتيكان. وكانت الدورة قد بدأت برياضة روحيّة اختُتِمَت بسهرة توبة وغفران ترأسها البابا فرنسيس في بازيليك القديس بطرس الفاتيكانيّة. لذلك استرجع خيرالله عشيّة الصلاة، شارحًا أنّ المسامحة ليست مستحيلة انطلاقًا من خبرته الشخصيّة.

ركعنا مع خالتي الراهبة

فسّر مطران البترون، أنّ بعد مقتل والدَيْه جاءَت خالته الراهبة اللبنانيّة المارونيّة وأخذته مع إخوته الثلاثة، وكان الأكبر منهم يبلغ من العمر 6 سنوات والأصغر سنتَين، إلى ديرها ودَعَتهم إلى الركوع في الكنيسة والصلاة لإله الرحمة والمحبّة.

قالت الراهبة لهم: «لسنا نصلّي لوالدَيْكم، هما شهيدان عند الله، بل من أجل قاتلهما. حاولوا أن تغفروا طيلة حياتكم، هكذا تصبحون أبناء أبيكم الذي في السماوات. إن أحببتم من يحبّكم فأيّ فضلٍ لكم؟ أحبّوا أعداءَكم فتكونوا عندها تلامذة المسيح وأبناء أبيكم السماوي». وأشار خيرالله إلى أنّهم، كأربعة أطفال، حملوا ذلك في قلوبهم طيلة حياتهم. ولم يتخلَّ الربّ عنهم يومًا.

رُسِمتُ كاهنًا في ذكرى وفاتهما

زاد خيرالله أنّه اختار أن تكون سيامته الكهنوتيّة، عندما كان يبلغ من العمر 24 عامًا، في يوم ذكرى مقتل والدَيْه، عشيّة عيد ارتفاع الصليب المقدّس. وقال: «إنّ حبّة القمح إن لم تقع في الأرض وتمت لا تُعطي ثمرًا. نحن ثمرة حبّة القمح هذه المُختارة من الله، بمشيئته». فوالداه قَبِلا هذه الحبّة وأبناؤهما عاشوها، على حدّ تعبيره.

إنْ حَضَرَ القاتل أمامي

أضاف خيرالله أنّه في أوائل الحرب الأهليّة اللبنانيّة، أعطى رياضة روحيّة للشبيبة في البلاد تحدّث فيها عن المصالحة والمسامحة. فشعر، بعد أربع ساعات من الكلام، أنّ الحاضرين لا يُدركون ما يقوله حقًّا، إذ كانوا جميعًا مسلّحين مستعدّين لمحاربة أعدائهم.

عندها، أعطاهم شهادة حياته. فساد صمتٌ، اخترقه سؤالٌ من شابّ وقف قائلًا: «أبونا، سأفترض أنّك غفرت. لكن إن وُجِدْتَ في كرسيّ الاعتراف وجاء قاتل والدَيْك للاعتراف وسألك الغفران ماذا تفعل؟».

أقرّ المطران بأنّ الإجابة عن ذلك السؤال لم تكن سهلة، لكنّه شكر الشابّ لأنّه عَلِمَ ساعتها أنّه سامح قاتل والدَيْه من بعيد. «لم أرَ يومًا ذلك الرجل، لكن إن وُضِعَ أمامي، فإنّني رجل ولديّ مشاعري»، قال خيرالله. وفسّر أنّ، في حال مجيء هذا الإنسان إلى كرسي الاعتراف، لكان منحه «الحلّة» عن خطاياه. وأعلن: «عَلِمتُ أنّ الغفران صعب جدًّا، لكنّه ليس مستحيلًا».

شعبي يتألّم

أضاف خيرالله في المؤتمر الصحافيّ أنّ وطنه وشعبه يتألّمان اليوم ويعانيان تبعات الحرب والنزاعات، لكنّ اللبنانيّين يريدون السلام، مطالبًا بضرورة وقف الحروب وبناء السلام.

وشدّد مطران البترون للموارنة على أنّ لبنان بلد رسالة، كما أعلن البابا القديس يوحنا بولس الثاني. وفسّر، انطلاقًا من خبرته، أنّ المسامحة في ظلّ تساقط القذائف على لبنان اليوم ليست مستحيلة.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته