كيف ينال المؤمنون القداسة؟

المحبّة روح القداسة، وكلّنا مدعوون إليها المحبّة روح القداسة، وكلّنا مدعوون إليها | مصدر الصورة: صفحة كنيسة قلب يسوع الأقدس للسريان الكاثوليك فيروزة-حمص السوريّة في فيسبوك

ما انفكّت الكنيسة تدعو مؤمنيها بأجمعهم، رغم ضعفهم وخطيئتهم، إلى ابتغاء القداسة، في مسيرةٍ تبدأ بنعمة الله ووفق مشيئته وتُعاش في العالم بقوّة الروح القُدس وتنتهي بالملكوت. فكيف يمكن نيل القداسة من منظور الكنيسة الكاثوليكية؟ وكيف تقود الأخيرة مؤمنيها في حياة القداسة بغية الاتحاد النهائي بالله؟

يشرح الأب منتصر حدّاد، النائب الأسقفيّ العام لأبرشيّة سيّدة النجاة للسريان الكاثوليك في الولايات المتّحدة الأميركيّة، أنّ الكنيسة الكاثوليكيّة تعلّمنا أنّ القداسة لا تتحقّق بجهود الإنسان بل بنعمةٍ من الله. وقد عَمِل الربّ عبر تأسيسه الأسرار، ليؤهّلنا لنلمس فعل الله الكامل ونعمته الفاعلة عبرها لتقديسنا.

ويبيّن أنّ كل معمَّد ينال النعمة، عبر أسرار الكنيسة المقدَّسة والمقدِّسة، بدءًا بسرّ المعموديّة وسائر الأسرار، فتجعله يحافظ على صورة الله ومثاله؛ لا من خلال اقتباله الأسرار المقدّسة فحسب، بل عبر تجسيدها في واقع الحياة اليوميّة باتّباع نموذج الابن الوحيد يسوع المسيح الذي هو الطريق والحقّ والحياة.

وتابع حدّاد: «إنّ المؤمن المقتبِل للأسرار لا يعيش حياته كما يعيش أهل العالم؛ فهو وُلِد من فوق، ارتبط بالمقدّس، خصوصًا عندما يقترب من سرّ الإفخارستيّا، فحينئذٍ يتّحد بمن هو قدّوس وكامل».

وفصّل: «نقرأ في تعليم الكنيسة الكاثوليكيّة أنّ الأسرار هي علامات تحقّق النعمة، وضعها المسيح ووكّلها إلى الكنيسة وبها تُسبغ علينا الحياة الإلهيّة... فالله يعمل بواسطة الأسرار المقدّسة، ومنذ العنصرة يجري الرّوح القُدس نعمة القداسة عبر العلامات الأسراريّة في الكنيسة».

وشدّد حدّاد على أنّ الكنيسة تتقدّس باتحادها بالمسيح وتصبح جميع أعمالها موجّهة إلى تقديس البشر في المسيح وإلى تمجيد الله. وبحسب تعليمها، تتمتّع الكنيسة على الأرض بقداسة حقيقيّة وإن غير كاملة، ولا بد لأعضائها من السعي إلى اكتساب القداسة الكاملة؛ فالربّ يدعوهم أيًّا كانت حالهم ووضعهم، إلى كمال القداسة ومثالها كمال الآب.

وإلى جانب الأسرار، يرى حدّاد أنّ المحبّة صالحة كمنهجٍ يوميّ للقداسة. إذ لا يمكن للمسيحيّ أن يعيش حياة القداسة من خلال الأداء الليتورجيّ في الهيكل فحسب، ولكنّه مدعوّ إلى أن يشهد لهذه القداسة، أي لنعمة الله المُقَدِّسة، فالإيمان من دون أعمال باطل (يع 2: 17).

واستطرد: «إذا أُفرغ الإيمان والقداسة من المحبّة، أصبحا مجرد أيديولوجيّات غير فاعلة في واقع الحياة "فالآن تَبقى هٰذه الأُمورُ الثَّلاثة: الإِيمانُ والرَّجاءُ والمَحبَّة، ولٰكنَّ أَعظَمَها المَحبَّة"» (1 كو 13: 13).

وختم حدّاد باعتبار المحبّة روح القداسة، وكلّنا مدعوون إليها؛ فهي توجّه وسائلها وتعطيها روحها وتقودها إلى غايتها. وبها نقبل بفرحٍ الدعوة إلى القداسة، فنساعد بعضنا بعضًا في مسيرتنا نحو القداسة التي لا يمكن أن نسلكها منفردين، كما يقول البابا فرنسيس.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته