الأب إيلي خويري يشرح مفهوم عيد الصليب ورمزيّة الماء لمباركة المواسم في لبنان

الصليب يرتفع في وادي قنّوبين (الوادي المقدّس) شماليّ لبنان الصليب يرتفع في وادي قنّوبين (الوادي المقدّس) شماليّ لبنان | مصدر الصورة: صفحة وادي قنّوبين في فيسبوك

الأب إيلي خويري، كاهن في الأبرشيّة المارونيّة–جونيه ويعدُّ أطروحة الدكتوراه، بعنوان: «موت المسيح بين حرّية الإنسان وتدبير الله انطلاقًا من نشيد في آلام ربّنا لمار يعقوب السروجي»، في جامعة بلجيكية. كما يخدم في رعيّة مار ميخائيل في بروكسل. يطلّ اليوم عبر «آسي مينا» في تذكار ارتفاع الصليب المقدّس، ليُخبرنا عن مفهوم هذا العيد، وأهمّ الصلوات التي تُتلى فيه.

ينطلق خويري: «تحتفل الكنيسة المارونيّة بهذا العيد في 14 سبتمبر/أيلول برتبة تبريك المياه، رمزًا للصليب الذي من خلاله تنبع المعموديّة. كما أنّ المياه المقدّسة تُذَكِّرُ كلّ مؤمن بأنّه بقوّة الصليب وانتصاره يستمدّ كلّ نِعم معموديّته. ويتزامن هذا العيد شعبيًّا، مع نهاية مواسم الصيف وبداية مواسم الخريف، فيستخدم المؤمنون ماء عيد الصليب كي يباركوا مواسمهم، وفق تقاليدهم اللبنانيّة تحضيرًا لفصل الشتاء».

يضيف خويري شارحًا مفهوم العيد: «احتفلنا بعيد الميلاد المجيد في 25 ديسمبر/كانون الأوّل، وزمن الميلاد وتجسّد ابن الله على أرضنا؛ واحتفلنا أيضًا بعيد الدنح أي الغطاس ومعموديّة الربّ يسوع في 6 يناير/كانون الثاني، وبعدها صُمْنا مع المسيح لمدّة أربعين يومًا، ومن ثمّ احتفلنا بأسبوع الآلام وقيامة الربّ يسوع. بعد ذلك كلّه، عرفنا خمسين يومًا من الفرح والانتصار على الموت، وفي نهاية زمن القيامة احتفلنا بالعنصرة».

الأب إيلي خويري. مصدر الصورة: الأب إيلي خويري
الأب إيلي خويري. مصدر الصورة: الأب إيلي خويري

ويردفُ: «في 14 سبتمبر/أيلول، وصلنا إلى آخِر الأعياد السيّديّة التي يكلّلها عيد ارتفاع الصليب المقدّس. أمّا ليتورجيًّا، بما أنّه آخر الأعياد في السنة الطقسيّة، فهو يفتتح الزمن الذي نُسمّيه النهيويّ (من النهايات)، أي زمن مَجِيء المسيح الثاني وانتصاره على الشرّ والموت. لذا، طوال زمن الصليب، تظلّ الكنيسة تحتفل بعريسها الذي سيأتي في نهاية الأزمنة، ليدين الأحياء والأموات ويُجدّد ملكوته في قلوب جميع البشر».

ويَكشِفُ: «أمّا زمن الاحتفال بعيد الصليب، من الناحية التاريخيّة، فهو مرتبط بحدثَيْن مُهمّين: أوّلهما، حين ذهبت القدّيسة هيلانة والدة الملك قسطنطين إلى أورشليم، وبدأت تبحث عن خشبة عود الصليب المقدّس التي كانت مخفيّة. وحين وجدتها أضرمت النيران على تلال مدينة القدس كي يدرك الملك قسطنطين الخبر. ومن ثمّ أشعلت كلّ مدينة بدورها النيران على تلالها».

ويُتابِعُ خويري: «بهذه الطريقة، وصل الخبر إلى الملك قسطنطين. وما زلنا حتى اليوم وبهذه المناسبة نشعل النار على تلالنا. أما الحدث الثاني فهو متعلّق بإعادة ذخائر عود الصليب التي استولى الفرس عليها، في خلال اجتياحهم المنطقة، ولكن حين انتصر الملك هرقل عليهم، كانت أهم شروطه إطلاق المسيحيّين وإرجاع ذخائر خشبة الصليب المقدّس».

صلوات العيد

يُخبر خويري: «الصلوات التي نتلوها في هذا العيد مرتبطة بهذَين الحدثَين التاريخيَّين، إنّما هي أيضًا على صلة بانتصار المسيح النهائي على الخطيئة والشرّ والموت. لذا نجد أنّ جميع الصلوات تُعبّر في مضمونها عن النور والفرح والانتصار وانتظار مَجِيء العريس السماوي في نهاية الأزمنة».

ويختم: «عيد الصليب، هو عيد الأنوار والرجاء، والتأكيد أنّ الانتصار النهائي هو لكلمة الربّ يسوع الذي غلب الموت بصليبِه؛ فحتى ولو كنّا نعبر في وادي ظلال الموت، وحاولت صعوبات الدهر أن تسْحق الرجاء الساكن فينا، علينا أن نتذكر بأنّنا نؤمن بإله انتصر على الموت، ولن يُخيّب آمالنا، نحن من نثق به».

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته