في طريقه إلى القداسة… البطريرك أغاجانيان يعود إلى لبنان

من الاحتفال الوطنيّ لاستقبال جثمان أغاجانيان في ساحة الشهداء-بيروت، لبنان من الاحتفال الوطنيّ لاستقبال جثمان أغاجانيان في ساحة الشهداء-بيروت، لبنان | مصدر الصورة: رومي الهبر/آسي مينا
من الاحتفال الوطنيّ لاستقبال جثمان أغاجانيان في ساحة الشهداء-بيروت، لبنان من الاحتفال الوطنيّ لاستقبال جثمان أغاجانيان في ساحة الشهداء-بيروت، لبنان | مصدر الصورة: رومي الهبر/آسي مينا
من الاحتفال الوطنيّ لاستقبال جثمان أغاجانيان في ساحة الشهداء-بيروت، لبنان من الاحتفال الوطنيّ لاستقبال جثمان أغاجانيان في ساحة الشهداء-بيروت، لبنان | مصدر الصورة: رومي الهبر/آسي مينا

نظّمت بطريركيّة الأرمن الكاثوليك احتفالًا رسميًّا وشعبيًّا في ساحة الشهداء-بيروت، لبنان ليل أمس الخميس، لاستقبال جثمان البطريرك كريكور بيدروس أغاجانيان آتيًا من روما. وسيستقرّ الجثمان في كاتدرائية مار غريغوريوس ومار الياس النبي للأرمن الكاثوليك في وسط العاصمة اللبنانية.

يُعدّ أغاجانيان شخصيّة بارزة في تاريخ الكنيسة، إذ عُرفِ بموقفه الصلب والمعارض للحكم الشيوعي. وكان مرشّحًا قويًّا لمنصب البابا في مناسبتَين. وفي 28 أكتوبر/تشرين الأول 2022، بدأت رحلة تقديسه في روما.

من الاحتفال الوطنيّ لاستقبال جثمان أغاجانيان في ساحة الشهداء-بيروت، لبنان. مصدر الصورة: رومي الهبر/آسي مينا
من الاحتفال الوطنيّ لاستقبال جثمان أغاجانيان في ساحة الشهداء-بيروت، لبنان. مصدر الصورة: رومي الهبر/آسي مينا

وصل الجثمان في نعش زجاجي، محمولًا على أكتاف اثني عشر شابًّا من مختلف الطوائف في لبنان. وعلى وقع ألحان الكشّاف الأرمني ووسط نثر الأرز، مدّ الحاضرون أياديهم للتبرّك. حضرت الحفل شخصيّات سياسيّة ودينيّة عدّة، واستُهلّ بعرض صور من الماضي في شريط وثائقي يروي سيرة البطريرك الراحل.

وفي كلمته المؤثّرة، قال بطريرك الأرمن الكاثوليك، روفائيل بيدروس الحادي والعشرون ميناسيان: «أتينا به إلى لبنان لنُظهر للعالم أجمع تماسكنا وتعاضدنا ومحبّتنا المتبادلة بين الطوائف وجميع الأطراف. هذه كانت صورة حَمل النعش من جميع الطوائف التي تمثّل العائلة اللبنانيّة».

من الاحتفال الوطنيّ لاستقبال جثمان أغاجانيان في ساحة الشهداء-بيروت، لبنان. مصدر الصورة: رومي الهبر/آسي مينا
من الاحتفال الوطنيّ لاستقبال جثمان أغاجانيان في ساحة الشهداء-بيروت، لبنان. مصدر الصورة: رومي الهبر/آسي مينا

من جهته، أكّد البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي أنّ ضريح أغاجانيان سيكون في كاتدرائية مار غريغوريوس ومار الياس النبي للأرمن الكاثوليك في ساحة الدبّاس-بيروت. وأضاف: «بفضل بقاء جثمانه سليمًا، نأمل أن يسهّل ذلك دعوى تطويبه، وفي كلّ حال سيكون طوباويًّا وقديسًا عظيمًا. نهنّئ الكنيسة الكاثوليكيّة الأرمنيّة وجميع الكنائس ولبنان بأسره. فعلًا عجيب الله في قديسيه».

من الاحتفال الوطنيّ لاستقبال جثمان أغاجانيان في ساحة الشهداء-بيروت، لبنان. مصدر الصورة: رومي الهبر/آسي مينا
من الاحتفال الوطنيّ لاستقبال جثمان أغاجانيان في ساحة الشهداء-بيروت، لبنان. مصدر الصورة: رومي الهبر/آسي مينا

أمّا الأسقف كريكور باديشاه، المعاون لأبرشيّة بيروت البطريركية، فأشار إلى أنّ «ساحة الشهداء، بهذا الحضور البهيّ، تؤكّد مجدَّدًا أنّها ليست مجرّد مكان، بل هي رمز وطنيّ جامع لكلّ اللّبنانيّين، مهما اختلفت انتماءاتهم. إنَّها بارقة أملٍ تتلألأ في سماء وطننا الحبيب، وتُذكّرنا دومًا بقيمنا المشتركةِ ووحدتِنا التي لا تُقهر».

وفي خلال الاحتفال، صدح صوت المرنّمة ليال نعمه مطر، مترافقًا مع عزف لموسيقى الجيش، ما أضفى على المناسبة جوًّا من الخشوع والجلال.

مسيرة التطويب

بدأت فكرة تطويب أغاجانيان مع البطريرك الأرمني الكاثوليكي السابق كريكور بيدروس العشرين جابرويان. ومن ثم وُضعت على سكّة منظَّمة بعد طلب البطريرك الحالي (ميناسيان) فتح قبر أغاجانيان قبل نحو عامَين ومشاهدة جسده غير التالف؛ لتنطلق بعدها دعوى التطويب في 28 أكتوبر/تشرين الأول 2022 في روما ومعها رحلة تقديسه.

وترافقت هذه المرحلة مع رحلة معمّقة للبحث في جميع تفاصيل حياته والغوص في فضائله، وجمع أخباره سواء من خلال الوثائق المكتوبة أم من الشهود المعاصرين له، وكذلك النظر في الأعاجيب التي جرت بشفاعته. وعليه، تسير الدعوى اليوم في خطى متسارعة.

وفي خلال افتتاح المرحلة الأبرشيّة للدعوى المقدّمة في روما، ألقى ميناسيان الضوء على فضائل «البطريرك العظيم وخبرته الشخصيّة معه»، ولا سيّما عندما سعى أغاجانيان وهو مريض وغير مبصر لأن يحلّ له مشكلته، فعقّب ميناسيان على هذا الموقف بالقول: «هذا يدلّ على أنه حارس الله».

من الاحتفال الوطنيّ لاستقبال جثمان أغاجانيان في ساحة الشهداء-بيروت، لبنان. مصدر الصورة: رومي الهبر/آسي مينا
من الاحتفال الوطنيّ لاستقبال جثمان أغاجانيان في ساحة الشهداء-بيروت، لبنان. مصدر الصورة: رومي الهبر/آسي مينا

أهمّية البطريرك الراحل

امتلك أغاجانيان مزايا عدّة؛ ففي الشأن الروحي كانت للعذراء مريم مكانة فريدة في روحانيته. كما اهتم اهتمامًا بالغًا بعبادة قلب يسوع والتأمل في القربان المقدس. أمّا إنسانيًّا، فكره الظلم وكان خادمًا للربّ من خلال أبنائه، فأولى المستضعفين كالعجزة واليتامى وذوي الاحتياجات الخاصة عناية خاصة. ولم يهمل زيارة العائلات في جميع أصقاع الانتشار الأرمني حتى بعد توليه السدة الأسقفية.

المزيد

أما في الشأن الكنسي، فأصبح أغاجانيان على رأس مجمع نشر الإيمان، وعُيِّن رئيسًا للجنة البابوية المسؤولة عن تحرير مجموعة قوانين الكنائس الشرقية. كما عُيِّن مديرًا للمجمع الفاتيكاني الثاني رفقة ثلاث شخصيات أخرى. وفي وقت قلما كان البابا يغادر أسوار روما، كان أغاجانيان مبعوثًا للحبر الروماني، زائرًا قارات العالم وعددًا كبيرًا من دولة. كما كان لمرتين متتاليتين قاب قوسين أو أدنى من السدة البابوية.

من الاحتفال الوطنيّ لاستقبال جثمان أغاجانيان في ساحة الشهداء-بيروت، لبنان. مصدر الصورة: رومي الهبر/آسي مينا
من الاحتفال الوطنيّ لاستقبال جثمان أغاجانيان في ساحة الشهداء-بيروت، لبنان. مصدر الصورة: رومي الهبر/آسي مينا

أغاجانيان ولبنان

أغاجانيان أرمني جيورجي لبناني، حمل الجنسية اللبنانية بعدما أتى إلى البلاد زائرًا رسوليًّا في العام 1935، وبعدها بعامين أصبح بطريركًا في عمر لم يتجاوز الـ42 عامًا.

نسج علاقات مميزة مع جميع فئات الشعب اللبناني، مُقرِّبًا بين سياسييه؛ فكان يجمعهم في دير الأرمن الكاثوليك في جونيه (جبل لبنان) بعيدًا عن الأضواء، وقد أثّر في المصالحة بين البطريرك الماروني بولس المعوشي والرئيس اللبناني آنذاك كميل شمعون. وساعد في تعيين أول سفير لبناني في الفاتيكان وهو شارل الحلو (رئيس لبنان في ما بعد).

لقِّب أغاجانيان بالكاثوليكوس البنّاء لكثرة أعماله المعمارية، ومنها في لبنان مدرسة ودار للأيتام في عنجر. كما أنّ الكنيسة التي استقر فيها جثمان البطريرك الراحل منذ يوم أمس (كاتدرائية مار غريغوريوس ومار الياس النبي) في بيروت هي من بنائه أيضًا.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته