مسيحيّو العراق في مهبّ موجات هجرةٍ جديدة

مطار أربيل الدوليّ شاهد على موجات هجرة مسيحيّة جديدة مطار أربيل الدوليّ شاهد على موجات هجرة مسيحيّة جديدة | مصدر الصورة: Thomas koch/Shutterstock

عادت هجرة مسيحيّي العراق أرض آبائهم وأجدادهم إلى واجهة الأحداث مجدّدًا، إذ تغادر عائلات عدّة البلادَ قاصدةً دول الجوار كمحطّةٍ موقتة بانتظار الهجرة إلى بلدان المهجر لا سيّما أستراليا.

يعتقد كثيرون أنّ الموجة الجديدة شرعت أواخر العام 2023 مع فاجعة عرس بغديدا وحالة اليأس والإحباط المصاحبة، وتواصلت في خلال العام الحاليّ. لكنّ المُقلِق امتدادها لتشمل مسيحيّين يسكنون إقليم كردستان، رغم ما يتمتّع به من استقرارٍ أمنيٍّ.

قد لا تقتصر الأسباب على البحث عن فرص عملٍ توفّر حياةً كريمة إزاء أزمات تأخّر رواتب الموظّفين وانقطاع الكهرباء وشحّ المياه وسواها؛ فهناك من يبحث عن جنسيّةٍ أخرى تضمن مستقبل أولاده، ومن يودّ الالتحاق بعائلته الكبيرة في المهجر عوض بقاء عائلته وحيدة في الوطن.

استوضحت «آسي مينا» الأسباب في حوارها مع الناشطة المدنيّة الدكتورة بسمة عزوز، فقالت: «تعكس الهجرة صراعًا عميقًا بين التمسّك بالهوية والأرض والبحث عن الأمان والحقوق؛ فالهجرة ليست ظاهرةً سلبيّةً دومًا أو هروبًا، إذ قد تكون السبيل الأوحد لضمان مستقبلٍ آمن، فضلًا عن كونها حقًّا من حقوق الإنسان».

وعزَت استمرار ظاهرة الهجرة في العراق إلى تعقيدات الأوضاع الاجتماعيّة والاقتصاديّة والأمنيّة والسياسيّة، كسببٍ رئيس، «إلى جانب معاناة الكنيسة التضييق في الآونة الأخيرة».

وتابعت: «شكّلت زيارة البابا فرنسيس شعاع أمل موقّت للمسيحيّين، إذ تسبَّب تفاقم الأوضاع وعدم التزام الحكومة بوعودها في تجدّد رغبة المسيحيّين في الهجرة، خصوصًا الشباب، باحثين عن مستقبل أفضل بعيدًا عن تحدّيات الوطن».

وختمت بالقول: «يرى المسيحيّون مصيرهم مجهولًا وبحثهم عن الأمان والكرامة والحقوق الأساسيّة المفقودة أمرًا طبيعيًّا».

بدوره، سلّط الناشط المدنيّ ديلان عظمت، مؤسّس منظمة «العودة»، الضوء على تحديات الهجرة  في حديثه لـ«آسي مينا» قائلًا: «ندرك، كأشخاصٍ عشنا تجربة الهجرة والعودة، معاناة المهاجرين في بيئتهم الجديدة».

وشرح: «رغم كون أسباب الهجرة الحاليّة مفهومة لارتباطها بالتعليم والصحة والحقوق والخدمات، لكنّ مسيحيّي العراق سيواجهون في مهجرهم تحدّياتٍ كبرى كصعوبة التأقلم مع ثقافات وبيئاتٍ اجتماعية جديدة، ومفاهيم تربية الأطفال».

لم يستثنِ طوفان هجرة المسيحيّين مدينةً في العراق، شاملًا مدن إقليم كردستان، مذيبًا «ملح الأرض» حدّ الزوال. وتؤكّد إحصائيات غير رسميّة أجرتها «مؤسّسة شلاما» المهتمّة بشؤون المسيحيّين، خسارة العراق قرابة 90% من مسيحيّيه في خلال السنوات العشرين الماضية، ما يعكس فقدان الثقة بمستقبل أفضل.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته